في أحضان الضياع..

بات تلك الليلة وقد أخذ الألم بمجامع قلبه.. ارتمى بجسده على فراشه ..طمر وجهه في وسادته, تضاجعه المرارة ويعصر فؤاده الحنين.. لأول مرة يشعر بوجع الوحدة ونار الفراق.. أول مرة يشكو لظى احتراق الروح..

سكبت عيناه على وسادته الدموع..لم يسترح شيئا قليلا ليلتها.. فقد أعلنت الحرب الضروس على قلبه الرقيق ..الذي أحب به وأوفى.. ولم يبغض به ويجفى.. لكنها الأيام تأتيك بما لا تحب وقتما لا تحب..

عيناه لم تذق السهاد..لم يعرف طعم الرقاد أبدا.. جعل يتقلب على فراشه كالمتقلب على الجمر.. يا له من ألم أصابك يا قلب.. حرارة تملكت نفسه حتى بدا نورا من داخله من شدتها.. كحرارة الشمس عندما تمد القمر بالضوء..

يوم أن أحبته لم تبد له إلا بعد أن هام على وجهه.. يوم أن جعلها تغضب غير قصد منه لم ترض إلا بعد شرب كأس المرارة وتجرع رشفات الذل.. يوم طلب أن يحاكي أهلها لم تعط له مجالا إلا بعد أن قدم تنازلات يبدي بها صدقه ووفاءه وجديته.. ويوم أن تحدث مع أمها وجدها امرأة عاقلة تقبلت منه كل ما أراد غير انها رفضت تماما أن يكلمها ثانية قبل أن يذهب إلى دارهم ويتعرف بأبيها ويتعرفوا به..

يوم أن أحبها تكلم ولم يخف..رق لها وأخرج مكنونه.. يوم غضبت أسام روحه الذل وأضاع هيبته أمام نفسه من أجل أن ترضى.. يوم تحدث لأمها انصاع لكلامها وما تريد وفتح أمامها بوابة يدخل الأمان منها لقلبها نحوه.. كل ذلك لأنها يحبها..

ويوم أن قالت له أمها لا تتحدث إليها إلا بعد ان تأتي زائرا لنا.. وقد كان هو وهي على تمام اليقين أن هذا رأي أمها .. وأنهما سيبقيا على صلة وإن قلت بصورة أو بأخرى..يتحدثا يوما مرة وآخر لا.. لكنها تراجعت عن اتفاقها ذاك و انصاعت لرغبة أمها.. وتركت قلبه يحترق ويحترق ويمتلأ رمادا..

يومُ ُ أشد عليه من أن يطأ خيلا بقدمه صدره ..يوم صرخت فيه كل الجمادات من شدة ما ألم بقلبه.. يوم سجلته صفحة تاريخه نحتا بالنار على صخرة الزمن الذي لا ينسى..

هو ليس معارضا لفكرة الزيارة..لكنها تحتاج بعض الترتيبات المسبقة أهمها أن يخبر أهله بتلك الزيارة.. الأدهى ما سيكون موقف أهله.. ذاك كله يحتاج أياما وأيام لا تقل عن أسبوع.. سبعة أيام كوامل..يغيب صوتها عن مسمعه.. تغيب ضحكاتها عن العزف على أوتار قلبه..

يومها أحس بالوحدة والفراق .. أحس بهزة تهد كيانه من الداخل.. كأنما كل شيئ بناه في عقديه السابقين انهار في لحظات..

بدأ ينظم نفسه ..يحاور أهله.. بدأ جولة الصراع من اجل الوصول لمرامه.. يعمل بكل طاقاته ليرفع سلما يصعد به لبرجها فقد بعد الأمل شيئا قليلا بعدما كان اقترب..يتمنى أن لا تقذف به الأيام كلما صعد درجة..فهو يسابق الزمن كي يصل لها..

بعث لها رسالة.. (لو أن الدنيا وقفت على قدم وكان وصولي إليك يتطلب مني أن أكون قدمها الثانية لفعلت كي أصل.. لأني أحبك)

فهل سيصل.. أم سيعيش عمره في أحضان الضياع ؟

9 التعليقات:

الربان يقول...

تحياتي

اري حب غير مستساغ...و عقوبات محرمة دوليا بقرارات من الامم المتحدة و مجلس الامن الدولي.

لما كل هذا العذاب...احب هو أم اختبار

في رأيي ان مثل هذا الاسلوب يُنفر و يباعد و لا يُقرب بين القلبين.

تحياتي و تقديري

عايش... ولكن !!!! يقول...

صباح الخير
وكأنى ارى شخصين يعذبان
حلو التعبير ده
ليرفع سلما يصعد به لبرجها

تحياتى
علاء

غير معرف يقول...

ايه العذاب ده
ده زي ميكون بينقي الصعاب ورايحلها
هو في ناس كده غاوية وجع قلب

كلام على بلاطة يقول...

كن متفائل يا اخى
اسلوبك حلو
تحياتى

ظل الشمس يقول...

ان شاء الله يوصل
وربنا يحققله حلمه
ويحقق احلام كل الناس
اسلوب رائع شدنى واجبرنى على القراءة
بالتوفيق

Aиgel يقول...

مساء الخير
كلمات أكثر من رائعة وعشق من نوع أخر

أنا جيت أسلم وأقولك أن ليك عندي واجب فياريت تنورني في المدونة وتاخده
عشان مزعلش .. أوك

Angel Love

RaRa يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسلوب جديد والقصة جميلة اوى وشيقة واتمنى تكملها بسرعة لآن بجد منتظره اعرف نهايتها

Unknown يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا ليس حبآ ياصديق
هذا إدمان لاستعذاب تعذيب النفس(ما يسمى فى الطب ماسوشيزم)
مااراه حبآ بل جرحآ والمآ ونزفآ
ولو قدر لهما الله ان يجتمعا على سنة الله ورسوله فى بيت واحد لن يكون سعيدآ لانه ادمن الاذلال واستعذبه ويا له من استعذاب سيزيد من الجهتين !!!
واقول لك فى النهاية
هى قصة ممتازة ممتازة ممتازة ممتازة
نجحت فى اثارة عواطفنا بلشفقة له والكره (جدآ)لهااااااااااااااا
وتشكراتى.

RASHA يقول...

عزيزى اسلوبك فى السرد القصصى اكثر من رائع مررت على مدونتك بالصدفة واعجبتنى جدا وسامر باستمرار شكرا لك

 
') }else{document.write('') } }