هرتلات شاب فاضي 3

( 1 ) فلانـ/ ـة تعجبه حالتك

الكثير منا أصبحت أيامه الكترونية بحته ، أنا واحد من هؤلاء ، أصحاب الأيام الإلكترونية ، مع أول ساعات يومي تجدني " مبحلقا" أمام شاشة الكمبيوتر ، مستخدما متصفح الفايرفوكس للاستمتاع بالسهولة واليسر والحركة السريعة بدلا من اكسبلولر الذي يشعرك بالاختناق كما لو كنت لمرتك الأولى تفتح متصفحا في حياتك ، ومن صفحة المجلة ولوحة تحكمها التي تقرر نكهة يومي بناء على تعليقات السادة القراء إلى صفحة الفيس بوك ، ذلك الشارع المفتوح أمام الجميع ، المثقفون والتافهون و خفيفوا الظل والسخفاء أيضا ، الكل يملك صفحة أو أكثر ومجموعة و أيضا أكثر .. أكتب على صفحتي شيئا من نفسي لأجد تنبيهات حمراء في وقت قليل تخبرني " فلانـ/ـة تعجبه حالتك .. أوليس من الأفضل مثلا أن نطبق فكرة الفيس بوك في مياديننا العامة لنكون أكثر تواصلا مع العالم المحيط .. فلو كان مجلس الشعب شعبيا بحق و أتيح لنا أن نضغط " لايك أو أنلايك " أفلا يكون هذا من الديموقراطية أم أنني أهذي ؟!!

( 2 ) يهرفون بما لا يعرفون

تسوقني نفسي حين أنتبه إلى بعض كلمات يكتبها فلان أو تخطها علانة حول موضوعات العصبية القبلية على صفحات الشبكة إلى فكرة واحدة .. هي أننا نعود بثقافتنا إلى الوراء ، وأن نفوسنا لم تتطهر من عصبية الجاهلية الأولى ، تؤسفني كثيرا بعض التعليقات التي أقرؤها على صفحة المجلة وبعيدا عن كوني أتيح لها النشر لفتح براح الحرية من باب الرأي والرأي الآخر إلا أن ذلك لا يمنع رفضي لمثل هذه العقول وكأنها نفوس تكهونت وتقوقعت داخل ذاتها لا تسمع لغيرها ولا تقتنع إلا بفكرها السقيم ، الأصعب على النفس من هذا أن ترى التفافا طويلا حول مثل هؤلاء مدعين أنهم أتوْا بما لم يستطعه غيرهم وأنهم تحدثوا في مسكوت عنه بصورة جريئة .. المضحك في الأمر أن ترى وسط كل هذا شخص يشط بعيدا و تسمع منه حديثا لا دخل له بذا أو ذاك كأنك تسمع " رصيف نمرة 5" لعمرو دياب مثلا ولا تدري ما دخل البليلة بعم فكري بكلابس الترولي ببقالة الأمانة بعبده الفرارجي ، إلا أنك حين تسمع دياب في أغنيته تلك فأنت مقتنع تماما أنه " كلام أرصفة " ، أما أن تسمع قوما يدعون الفهم والمعرفة وهم يهرفون بما لا يعرفون ويلتم حولهم ضعاف النفوس .. فهو السخيف جدا والأمر الذي يثير المرء ويجره إلى الـ.... .

( 3 ) بريل وبرسيل .. وماماهات الغسيل

في يوم ، في شهر ، في سنة ، أمسكت بـ"ريموت " الـ"رسيفر" وجعلت أتنقل بين محطات الفضاء المصري العظيم ، أوقفني تحريف لطيف من باب الدعاية لا الدعابة لإحدى الأغنيات المهداة للأم في يومها السنوي الذي ابتدعه المبتدعون وحصروا حقها في ساعات قليلة ، تقول تلك الأغنية " كل سنة وانت .. طيبة يا مامتي وبعودة الايام .. تفرحي وتتهني وف عيدك نغني ونضربلك سلام .. وبريل وبرسيل بيهنودكي دايما .. على طول السنين " ، كاد الدمع يقطر من عيني " معقول .. بريل وبرسيل عاملين وحدة عشان يهنوا الأم .. لأ كتير كده بصراحة !! .. عظيمة يا أمي " ، هذا ما ترسخه الخلايا السرطانية في كيان الإعلام داخل نفوس الأجيال " تقريبا بينصحوا العيال تجيب لأهاليها بريل وبرسيل ومساحيق غسيل واغسلي يا مامتي .. اكنسي يا مامتي وامسحي وانفخي وطلعي في عينك .. وكل سنة وانت طيبة يا حبيبتي " ، وكأن الأم التي أوصى الرسول الكريم ببرها ثلاثا لا تستحق إلا أن تكون في " المطبخ عشان الغداء " أو في " الحمام أكرمكم الله ، عشان تغسل " وفي " أوضة العيال بتغيرلهم وتذاكرلهم ومش بعيد بترضعهم كمان ، ما هو ده التقدم .. أمهات 100 في 1 ولا حتى صانسيلك كده يا ناس والله " .. كل عام وأنت بخير يا ست الكل ، بالله عليكم هل قَبَّل أحدنا يد أمه وأبيه اليوم .. تلك سنة هجرناها وتكبرنا عليها " أبوس إيد أمي ليه هو أنا نونو " ، ولا يعرف قدر هذه النعم العظيمة إلا من حرمها ، أدامك الله يا أمي بخير .

( 4 ) شغلانة بـ500 جنيه

ما بين الثلاث مئة جنيه والخمس مئة تدور الرواتب المصرية في الطبقة العامة ، ولو أن أحدا أكرمه ربه وحصل على وظيفة بـ750 جنيه مثلا لكأن طاقة القدر فتحت له وأتاه الرزق من حيث لا يدري ولا يحتسب ، وتراه يخفي عنك قدر ما يأخذ من راتب شهري خشية الحسد ، وما درى المسكين أن ما يصنعه مقابل ما يأخذ لا يساوي حتى الربع ، هذه هي حياة المصريين وما جعلهم خير أجناد الأرض إلا لأنهم أقلموا حياتهم على هذه الظروف بالغة السوء ، ولو أن الفرد كان عاملا مثلا سواء في الفاعل كما يسمون عمال البناء أو على سيارة أجرة ترى الواحد من هؤلاء يعيش بأقل من 50 جنيه فقط يوميا وما تدري كيف يعينه الله على " مصروف العيال الصبح والغدا والعشا وأجرة المواصلات ورغيف العيش " و إن تعجب فعجب أن تراه بعد هذا كله يجد ما يشرب به السجائر ويدخن به الأرجيلة على القهوة وربما تخطى الأمر عند البعض إلى " العشا عند البغل " مثلا .. السؤال الذي يحيرني كثيرا " هما دول اتجوزوا ازاي ؟ " يكاد الشتات يدمر عقلي حقا .. وبعد هذا كله أتمرد على وظيفة بـ500 جنيه شهريا " ما هو شغل إيه ده الي من 10 الصبح لـ 10 بالليل ، على لوحة مفاتيح واكتب ونسق واعمل ومتقومش وابقى هات حاجة نقنق فيها وانت جاي عشان مفيش راحة للغدا" شعرت أنني أحد أجزاء آلة طحن مثلا أو أني ترس ثلمت أسنانه يدور في دوامة تروس لا ترحم ، ولست كاتبا على جهاز حاسب آلي !! .. عن نفسي طلقت الوظيفة تلك ثلاثا وبانت مني ولا رجعة لها .. " يخليك فوق راسنا يا أبويا و نعيش بحسك " ، " لسة بدري على وجع القلب " ، تعود ألا تحمل مسؤولية فوق طاقتك وفيما لا تطيق .

( 5 ) قال فاكرينك

لم أكن أشعر أن أحدهم يقف في ذات المكان الذي أجلس فيه مواجها شاشة الكمبيوتر ممسكا بهاتفي المحمول أتحدث إليها وهي تشدو بصوتها العذب في أذني فتطيب روحي لحديثها حتى لو كان كلاما عاديا عابرا ، أهتز في مكاني حينما أخبرها بحبي لها ، يرعدني الخوف من دواخلها ، إن كانت حبا فهو الخجل الذي أعشقه فيها وإن كان مجرد قبول فماذا يفيد العاشق إن كان وحيدا في حبه ، وأغلقت الهاتف .. سمعت صوته يقول " خطيبتك دي ؟ ! " ، غيرت مسار سؤاله وأجبته بسؤال آخر " اشمعنى يعني وهتفرق معاك ايه ؟ " فرد سريعا " باين قوي " ، وما الذي جعله باين قوي أيها الفيلسوف أفندي ؟ " ، فقال كلاما زاد الأنين وشيد أبراجا جديدة لها في قلبي ، قال لي " يعني أولا محدش بيكلم حد بالطريقة دي غير لما تكون بنت وقريبه من قلبه وبعدين نظراتك فضحاك " ، تذكرت حينها تلك الغنوة التي يشدو بها عمرو فيجلجل قلبي حين يتأوه وكأن قلبي يتأوه مع ألحانه وي كأن صوته الندي يروي حبي فيزيد أكثر وأكثر ، يقول " قال فاكرينك بتحبيني وبينا حكاية .. ما هو شايفينك جاية معايا ورايحة معايا .. مش فاكرينا ، ما هو لو بينا حكاية هنحكي ..كل ما نضحك على نظراتهم قلبي بيبكي ، أيوة بحبك بس مخبي الهوا جوايا ..كل الناس شايفينا حبايب إلا عنيكي .. وأنا من خوفي لا تبعدي عني بخبي عليكي .. وأما يقولوا بتحبيني بنعديها .. لكن بيني وبيني بعيشها بفرح بيها ، وساعات بنسى وأسرح فيكي وف هواكي .. وتفاجئيني فينك أقولك أيوة معاكي ، يبقى الحب ده كله ف قلبي ومش فهماني .. ده انت في توهه مش هما إلي ف عالم تاني .. أيوة بحبك بس مخبي الهوا جواياااا " .

( 6 ) عالم .. لحظي الوجود والضياع

لذة الرغبة في الكتابة حينما تنصب في روحي تشعرني كما لو كنت عازفا ينتظره عوده حتى يضع عليه لحنه الجديد ، وما تأتي إلي فكرة إلا وتختمر في عقلي اختمار العجين في إناء الطهي ، حتى ما إذا عرضته للهواء قليلا من الوقت ، فقد كثيرا مما اكتسبه من الخميرة ، وهذا أنا يوم جلست أخط حروفا أتحسسها في نفسي عن ذلك الطريق الذي سرته برفقة ذلك الفرع النيلي العابر في أحضان مدينتنا يشقها نصفين .

العطر النيلي والهواء ولمعان الشمس وصورة الفتيات الحسناوات يسرن في ذات الطريق أو ينتظرن تحت ذلك الكوبري .. وأنا أجلس على مقعد مشاهدا ذلك كله ، يخلق في نفسي صورة مختلفة تحط في مرسايَ معان جديدة لأفكار روحية تشتاق إلى قلمي ، سمعت همهمات كثيرة بين تلك وزميلتها وفلانة وعلانة سمعت ، وضحكات صاخبة تزعمها أحد الشباب السفهاء الذين يمتطون السور الفاصل بين الطريق والنيل كما لو كان حمارا مثلا .. قلت لنفسي " يا سيدتي ذا مطلع الرواية " .

رحت أخط في نفسي خطوطا عريضة لأرسم بها نصا جديدا حول إحساس مختلف ، لكني توصلت لمعنى واحد لا أجد سواه ، هو أن شعوري اليوم وغدا وبعد زمن طويل من معيشتي في أحضان مدينتنا هو ذات الشعور بالفرحة حتى لو رأيت شيئا تنكره نفسي على أصحابه ، و لو كنت متقنا لفن الشعر لنظمت في حب النيل وعلاقته بروحي بيوتا ولسكنتها دائما .

هرتلات شاب فاضي 2

(1) المترو بتاعنا .. غير

كل سكان قاهرة المعز يسوقهم القدر إلى محطات المترو يوميا أكثر من مرة ، تعودوا على ازدحامه وتكدسه ، أما أنا فكل المرات التي ركبت فيها المترو كانت تغلف بسعادة عارمة أن وجدت شيئا مريحا سهلا رخيصا في بلدنا ، يبدو أن " الحلو ميكملش " ، لم أكن في عجلة من أمري هذه المرة ، لذا بقيت طويلا بين محطاته لتحترق أعصابي ويغلي الدم في عروقي وأشعر بالرغبة في الانفجار .

حينما تدخل المحطة مع الناس وتأخذ لك تذكرة لتمر بها من " المكن " أو أجهزة العبور ، ثم تضعها وتحاول الخطو إلا أن الـ"مكنة دي بايظة شوف غيرها " و كثير مثلها حتى يمل منك رجل الأمن فيقول ونفسه قد خرجت عليك " شوف أي حد وعدي وراه بأه " ، تمر مرتبكا وقليل من الوقت حتى تنسى ارتباكك ذاك ، لأنك الآن على رصيف المترو تنتظر قطاره لتركب ، وبين كل حين وآخر هناك نص ارشادي مسموع يذاع على آذان الجميع مختصره أن الأسهم الخضراء أمام بوابات العربات ليست للانتظار وأن الأبواب الطرفية للنزول والوسطى للصعود ، وهو الأمر الذي لا يحترمه أحد و كأنهم لا يسمعون أو أن السيدة التي تقول ذلك الإرشاد تتكلم بلهجة غير مفهومة مثلا .. حتى إذا ما توقفت عرباته لينزل النازلون و يصعد الراكبون .. اختلط الحابل بالنابل ولو أنك كنت على خط " المرج – حلوان " فأيقن أن مصر كلها قد دعت عليك ليلة القدر وكانت دعوة مستجابة ، فلا بوابات العربات تفتح مباشرة وإن فتحت فليس فتحا كاملا ، غير أنه الخط الأكثر طولا ومحطاته كخيام منصوبة أو كديار مهجورة .. ولو أنني بقيت أكثر لفجعت من غرائب أكثر ، لكن ومع كل هذا ليس أيسر ولا أجمل ولا أرخص من المترو في مصر " حتى التك تك غالي ".

(2) هو أنا قرطاس !!

حدثتني ضاحكة " لو أن أحدهم رآني معك وأتى لخطبتي " ، ارتجفت روحي داخلي وأجبت مسرعا " أكيد هقوله على اعتبار ما سيكون مستقبلا يعني : مش واخد بالك إني جوز المدام مش أخو الآنسة " ، يبدو أن فكرة " امرأة بأربع نساء " لن تعطي مفعولا فائقا كما أتوقع ، على الأقل في أعين الناس ، هو هذا حالكن يا بنات حواء .. تبغي الواحدة منكن أن تكون في عيون الناس دائما " بنت بنوت مكملتش 18 سنة " حتى ولو حملت في يدها طفلا وجرّت الآخر خلفها وسار بجانبها " جوز المدام " .

(3) شيش طاووك .. و ساندوتش فول !!

منذ خطت قدماي خطواتها الأولى على أعتاب عروس النيل وأنا مقتنع قناعة تامة ، أنه إذا أردت التسلية والتفكه " ومسح الزور " فاذهب إلى " مؤمن أو كنتاكي أو كوك دور مثلا " ، أما لو أردت أن تفقد وعيك وتملأ وعاء بطنك فاذهب إلى " مطاعم البغل الكبرى " و خذ لك بعضا من مذهبات العقول كصحن فول أو ساندوتش فلافل ثم ألحقهن بـ" كانز بيبسي " ، وانسى المقاطعة وشأنها وأنت تفتك بما احتشى به جوفك ، ثم لما تنقلت بين قاهرة المعز والإسكندرية وطَعِمتُ شيش طاووك البرنس و كبدة أبو ربيع ، علمت حينها أن البغل لابد له أن يطالب بمادة في دستور مصر العظيمة " الوجبة المفروضة على الشعب هي فول وفلافل البغل حتى لا يدرك أحد ما يقول ولا ماذا يسمع " ، فمهما أخذت من وجبات أو شطائر في مطاعم الدرجة الثانية ككوك دور وزملائه فلن تشعر بشبع أبدا .. ربما يكون خيارهم هناك " أكل يجوع بصحيح " .

(4) أنا أعرفِك من امتى ؟!

كنت مرة قد دعوت بعضا من فريق عملٍ لشيء ما ، ولما كتب الله وتقابلت بعض الوجوه لمرتها الأولى في محطة مترو " حلمية الزيتون " ، جلسنا ننتظر البعض الآخر حتى نرحل سويا إلى حيث نقيم اجتماعنا .. وفيما يخيم الصمت علينا نطقت احداهن ودار بيننا حوار " ما تيجي احنا نروح النادي وهما يلحقونا .. مممم .. يمكن ميعرفوش ييجوا أنا بقول نستنى .. طب ما تستنى انت هنا " ، حينها قلت لها بعفوية شديده " اهاااااااا انت تقصدي انتو تروحوا وأنا أفضل " فردت بعفوية أكثر " جاك أوا " .. حتى ولو كان ردا غريبا أو سريعا أو مستهجنا في أول مرة نلتقي فيها ، إلا أنه كان كفيلا بإزالة طبقة الروتين المعتادة عند البعض " يا فندم وتسلم " وتلك المبالغات التي ستزول حتما في يوم ما !!

(5) معادتش فارقة ..!!

طالما أنت في مصر فأنت حتما تعيش هذه الأيام " يوم عادي ويوم مش عادي ويوم شبه حلو ويوم مخنوق ويوم مزنوق ويوم فاضي ويوم عامل فاضي " ، صدقني يا عزيزي كل أيامك واحد ، حتى لو اختلف المسمى وقلبت رأس اليوم على عقبه ولو " اتعشيت قبل ما تتغدى أو صحيت قبل ما تنام " أيضا كله واحد .. معادتش فارقة .. سينا من سونيا .. وعجبي !!

( ६ ) وأنا أيضا أقول

نابليون ذلك الداهية قال يوما " العباقرة شهب كتب عليها أن تحترق لإنارة عصورها " وأنا أقول " ما بالنا لا نرى أحدا يحترق إلانا نحن .. نحترق من جهل بعض الكبار وسفاهتهم ، وتشتعل نفوسنا نارا حين نرى حماقمة لا نستيطع ردها " .. قلة هم من يقومون على خدمة العامة .. أخشى أن نقول يوما " لم يعد هناك من يحترق حتى من أجل نفسه !! " .

( 7 ) عيني ع الي حب وطال باردة !!

يقولون أن قوة الحب بين الشاب والفتاة قبل الارتباط تنقلب إلى " جنون رسمي " بعد اتمام الأمر ، ويقولون أيضا أن الأنثى بطبعها رقيقة حتى ما قبل مرور شهر بعد زواجها ، حتى إذا ما مرت تلك الأيام الثلاثين " خرج المستخبي وبان " فإما أن تكون بطبعها " طيبة ورقيقة وبنت حلال .. وسايقة الدلع " وإما أن تكون خلاف ما رسمته مخيلة الرجل وفي كلتا الحالتين يكون الرجل قد وقع في المصيدة ، فكثرة الدلع تصيب البنكرياس بتضخم لا مثيل له و كثرة التمرد تصيب القلب بالإحباط وتنزع منه كل ما كان .. دائما " خير الأمور الوسط " ، وحتى لا تكون عيني باردة على من عشق وطالت يده من يحب ، ولكي أغبط من ارتبط عن حب ، لنجعل حياتنا دائما وسط بين أمرين ، لا مبالغة في " الدلع " و تفريطا في الواجبات ، ولا " محكمة يومية " و تضخيما في الحقوق .

( 8 ) مملكتي تنهار

يوما ما لم أكن أدرك أن حصون الروح ستنهار أمام أنثى مهما امتلكت من مقومات الجمال ورقة الإحساس ودفء الحس وكوامن الأنوثة التي تثير أثقل رجل ، لكنها عبرت كل الحصون التي بنيتها ، فجرت براكين النفس و دمرت سدودا منيعة كنت قد دعمت بها حصوني ، أيقظت القلب من غفلة وسبات ما كان يدرك معهما إلا كيف يصنع وكيف يعمل من أجل نجاحات عملية بعيدة عن مشاعر الحب . خلطت الكيان ببعضه فكونت مني شخصا عاشقا هائما تائها بين حارات مدينة الغرام .. يبحث عنها حتى ولو كانت معه .

( 9 ) أحبك وليسخر مني من شاء

لو أننا يمكن أن نعيش الحياة مرتين ، أو لو أن الزمان يسمح لنا بالوصول ليوم من عمرنا قبل أوانه بسنين ثم نعود متى شئنا , آه لو أن الحب في ميزان الأقدار لم يكن مكتوبا على قلوبنا .. لما كنت قد وقعت في غرام أنثى تراها تحسبها ابنة عشرين زهرة وردية يانعة , ما شأن قلبي بأوراق الزمن ؟ أوليس في شرعة الحب تضيع الأعمار وتندثر السنون ولا يعتنق العاشقون إلا منهج غرامهم ؟ أولستَ ياربي أنت من غرست فينا الحب وجبلتنا علبه وجعلته من فطرة الحياة التي قلت عتها " فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله " ، أوليس رسولك هو من قال " فلا تؤاخذني فيما لا أملك " ؟ فما بال الأوهام تصور لي أن لو قلت ما بقلبي سيسخر الكل أجمعون ؟

( 10 ) و لي في الحب فلسفة

دائما في كل سيناريوهات الحب يعلن القدر بيانه في نهاية فصل البداية .. لحظة تختصر فيها مسافات الدنيا البعيدة .. يخبركما بما كتبه قلم الرحمن منذ أمد بعيد .. كل امرء يسير إلى قدره رغما عنه ولا تسير الأقدار إلى أحد ، لتكون آخر رسالة بينكما في انتظار موعد حتمي أكدته العيون وحكاه بينكما صوت الروح .

فلسفة الأنثى بمكنونها الروحي الذي يحتشي حوايا مختلفة عما تحويه روح الرجل ، الحياء والخجل في أول هذه الحوايا الأنثوية .. ربما تكون الروح الأنثوية أكثر انسجاما مع تلك مشاعر الحب فقلبها وعاء يحمل بين جنبيه قلب رجل .. لذلك لا بد أن نعترف بفلسفة الحب الواقعي لا فلسفة التاريخ الذي ما سطرته يد الزمان إلا ويملى عليه شيء من عبث العابثين .

فلسفتي أنا وإن كانت بنظرة قصيرة .. أن كلمة أحبك .. ليست وصفا دقيقا لتلك المشاعر الكامنة في شرايين القلب وكيانه .. لكنها لسان حاله الذي ينطق بشيء مما في داخله .. إحساس الرجل ليس كإحساس الأنثى .. و قوة المشاعر ليست حكرا على طرف دون الآخر .

( 11 )كابتشينو سلنترو

لم أعرف في حياتي صورة للمعادي إلا في مسلسل " يتربى في عزو " ، ذلك الحي الذي تخيلته من الرقي بدرجة تجعله خاليا من البشر ، وذا هو الذي أجبر فضولي أن يسوقني إليه ذات مرة .. دعاني فيها صديق لي إلى سلنترو المعادي .. بعد أن فارقت المترو العظيم ورحلت مع صديقي ودخلنا سلنترو .. جلسنا على طاولة مرتفعة كتلك التي تكون في الأفلام فقط .. وأمسكت بيدي القائمة لأنتقي منها ما شئت ، ولم تكن صرعة أبدا أن وجدت الشاي بـ" 11.75 " جنيه والكابتشينو بـ"14.75 " لأني قد سقطت في فخهم هذا قبل اليوم وشربت أغلى " كانز بيبسي " في حياتي في سلنترو الدقي بـ"10.50" جنيه ، آثرت الكابتشينو حينها عله يكون شيئا مميزا ، تعجبت مما كان على الصحن الصغير بجانب الفنجان .. يبدو أنه كان البندق الذي أخبرني عنه النادل .. تركته وما اقتربت منه .. حسبته شيئا يزين الصحن مثلا فلا لون له ولا رائحة .. كم تمنيت لو كان معي كاميرا فيديو معي لأجبرت صاحبي ذلك أن يلتقط لي مشاهدا كأولاد الذوات " والله مسخرة .. مش عارف العالم دي بتعمل ايه بده كله " ، وفارقنا سلنترو إلى شوارع المعادي التي تمنيت أن أراها ، ظل السير طويلا في شارع واحد .. كله شارع 9 ، إن كان 9 بهذا الطول وهذه البنايات " الأي كلام .. يبقى بقيت المعادي ايه " ملت على صديقي " يلا بينا نمشي " .

حقيقة لا طعم للكابتشينو إلى من يد واحدة فقط " أكيد مش إيد راجل طبعا " ولا جمال إلا لعروس النيل في عيني .. " كل بقاع مصر جميلة ما هي ماما بأه .. بس والله المنصورة أحلى ".

هرتلات شاب فاضي 1

( 1 ) غض طرفك أو أطلقه !!

عندما تسير في طريقك لا تدرك إلا مبتغاك الذي تتجه نحوه بهدف معين ، وتمر عن يمينك " مُزة " أو قل فتاتة قمرية ، وتغض بصرك .. خطوة تفصلك عنها بعدما مررت .. تسمعها تهمهم " إيه الأعمى ده .. مبيشوفش ولا ايه " ، ثم تكمل سيرك متأسفا على حال تلك المسكينة التي تتمنى لو أن أحدا " عاكسها " ، وما إن تنتقل لشارع آخر حتى تقابلك فتاتين قمريتين " يعني بردو مُزتين " وتغض الطرف مبتعدا إلى الناحية الأخرى من الطريق .. فتتبعانك في استغراب يملأ لهجة كلامهما " لأ بأه والله يا بنتي احنا نتاكل أكل ده ايه ده .." وتبتعد أنت عنهما وتسير من شارع لآخر حتى تصل إلى مرادك ، وما إن تعود مرة آخرى من حيث أتيت تطلق لبصرك العنان حتى لا تسمع سخرية من فتيات الطريق " المُزز يعني " ، وإذا " بحلقت " في إحداهن سمعتها تقول " يارب تنضرب بالنار في ميدان عام يا شيخ عينك عاوز الـ .. " .. فما الحل إذا ؟ أطلق بصرك فأنت " بتعاكس ومش مخلي بنات الناس في حالها " أو غض الطرف فأنت " مبتشفش ومش بيعجبك العجب " !!

( 2 ) 56 كيلو

هكذا قرأ الميزان حينما استقمت واقفا عليه ، منذ مدة ليست بالقصيرة و نفسي متعبة يملأها شيء من الألم و حمل الهم وبعض من الاختناق الذي يلازمني نهاية كل شتاء ، فكيف لي أن أزن أكثر من وزني الطبيعي بأربعة كيلو جرامات .. .. ليس هناك حل لهذه الزيادة إلا أن يكون الأرق والاكتئاب والشعور باليأس يزيد من انتفاخ المرارة مثلا أو أن كل هذا يحتشي في جنبات الروح فيزيد في الميزان .

( 3 ) هما دول يعرفوا ربنا يا ابني

هكذا قال لي ذلك الشيخ المسن ممسكا بيدي في خطواتنا لنعبر طريق البحر الذي يحول السيارات إلى تكاتك يقودها قوم عميت أعينهم ، إما أن يكون السلم الذي يصعد إلى ذلك الكوبري المعلق بين النيل والسماء قد وضع عمدا هنا حتى يحصد السائقون البشر – وأهو نخفض من السكان شوية – أو أني كنت مسطولا مثلا وليس هناك أدنى خطر خاصة أن الرصيف على جانبي الطريق متسع جدا !!!

( 4 ) إزاي أنا بقدر أسهر

لم أكن أتخيل يوما أنني سأعيس مثل هذه اللحظات .. حين عشقتك .. كنت لي مجرد وهم أو حلم بعيد المنال ، علمني حديثك أن أحترم رغبتك في أن أبوح بحبك أو أصمت .. وجهك الملائكي .. شفتيك المفعمتين بماء الغرام ، كل ذلك حيرني كيف أصنع ؟

كنت أردد ما تغنت به نجاة الصغيرة يوما " إزاي أنا بقدر أسهر وإزاي تقدر تنام " ، لكن روحي مع الزمن أومأت لي بشيء تخفيه نفسكِ وأن أجفاني لا تسهر الليل وحدها وأنك على البعد الذي بيننا تشعرين بما أنا فيه ، انتابني احساس قوي أن يوما ما سيجمعنا لنذوب في أحضان الحب سويا .. وأن ذراعيك ستطبقان علي حينا ما ، وأن أنفاسنا ستلتقي حتما .. وحينها قررت أن أنبأكِ بخبري .. عل القدر يطيب بأحلام روحي خاطري .

( 5 ) من شهدك اسقيني غراما

حين تحلين عقدة الرباط الذي يقيد الحرية في قلبك .. وحين ترى الراحة أجزاء كيانك .. ضميني إليك ِ .. فحينها أريد أن أكون جزءا منك ِ ، تنسجم أجزائي معك ِ ويذوب الشمع في قلب العسل .. ثم اهمسي في أذني أحبك ، ولما يرتخي جسدي وأنا بين يديك ، أحكمي الإمساك بي حتى لا تخور قواي .. أريد أن أظل قائما أمام هيكل الجمال لا يثنيني عنه شيء ، أسعفيني من دوار الحب واسقيني رحيقا سحا غدقا من منبع روحك .

قسمة غير عادلة

عندما تدرك تماما أن روحا ما لن تكون لك .. لكنها هي التي انتشلت ركامك وأعادت فيه بعضا من حياة لتبدأ مع نفسك مشوارا جديدا .. شعورك حينها لا يقل بصورة أو بأخرى عن أن يكون حبا خالصا أو هو إحدى صور الهوى التي لا تتم وأنت تعلم ذلك جيدا وتؤمن أنه لا مكان لك ولن تحل حتما مكان غيرك .

الحيرة تصحب النفس حتى لا تعي خلاصا لها من التيه في حارات تلك الروح ، أنت بين نارين ، الحديث في ذاته متأصلا في نفسك ، إيقانك أنك لا تريد أن تهدم عشا بناه طير غيرك يدفعك للصمت والسكوت ، لكن شيئا بداخلك يناديك أن تتحدث وأن تخبر عن مكنونك .. ليس لأي شيء سوى أن الحب لا يدفن في الرمال ولا يمكنك كبته إلا لو أنك تحتمل أن تستعر نارا .. ثق أنه لو اشتعلت روحك فسيكون اشتعالا ذاتيا ولو أن الهلاك أدركك فستهلك وحيدا .. إذا فلم تصر على الصمت ؟

يمكنك أن تفكر في بيئة مشتركة تبعث فيها الحياة لشيء مما تحمله بداخلك ، أنت لن تغتصب حقا ليس لك ، لكنك لن تقتل إحساسا الأقدار هي من زرعته في نفسك .. قد يكون الوقت ضيقا .. الأوان ليس مناسبا .. لكنك الآن في مشكلة تبحث لها عن حل .. هل ستقبل هذه الروح بالمساحة المشتركة التي تقبل الفسمة على اثنين ؟

القسمة هنا ليست عادلة ، لكنها ستكتب لك نصيبا ولو كان هينا ضئيلا ، لذاك الطائر الذي عرش قبلك العش وأقام بنائه ثلاثة أرباع القسمة ، ولك أنت الربع .

الربع الذي يتيح لك أن تفصح بمكنونك فقط لأنه بداخلك .. فقط لأنك تعيشه .. أنت لا تريد أن تحتل العش بعصفورته .. لكنك تريد فقط أن تلمح أجنحة العصفورة وأن تشنف أسماعك بزقزقتها .. وأن تقبل هي أن تكون أنت صديقا وفيا وتوأم روح لها .

الحب ليس مدينة مغلقة ، و أنت لست مذنبا أن زرعتك الأقدار فأثمرت حبا لروح قد أثمرت حبا لغيرك .. تتمنى أن يكون وفاقا وقسمة ولو لم تكن عادلة .. لكن .. يبقى لك أن تكون في مساحة مشتركة يحل عليها ضي العصفورة وتلحن فيها زقزقتها وترفرف بين حين وآخر بجناحيها .

الشعور المستحيل بعشق روح لن نملكها يوما هو أكثر المشاعر ضراوة وأشدها على النفس .. أنا لا أرى فيها حلا إلا أن تكون تلك المساحة المشتركة التي تقبل القسمة غير العادلة .. وقليل دائم خير من كثير منقطع .

يا نفس لن يكون أكثر مما كان .. تهيئي للحديث وخطي له مسارا .. ثم انطلقي وأعلني عن هويتك .. ارفعي النداء على مآذن و أبراج الهوى .. لا تنادي بالحياة الكاملة .. لا تنادي بالغرام الذي حرمك منه القدر .. فقط اطلبي الإذن بالفضفضة .. حتى ولو كنت خادمة لأهل العش أجمعين فذاك خير من لاشيء .

السنوية الأولى لمجلة رؤية مصرية .. كلكم مدعوين

كل البدايات تقريبا تكون أولا لا شيء .. لو أننا عددنا الأرقام من الصفر حتى المليون لأصبح معنا مليونا ولو أننا سكتنا عند الصفر لبقينا عنده حتى لو مر الزمن الذي يمكننا فيه العد حتى المليون .. هكذا كانت مجلة رؤية مصرية خلال عامها الأول وكان غيرها من منافسيها الذين لم يصلوا حتى إلى إشباع رغبتهم من منافستها .

في الثامن والعشرين من شهر مارس الماضي لعام 2009 انطلق العدد الأول من مجلة رؤية مصرية بشكل مبسط سهل بنظام عادي على مدونة الكترونية مجانية ، ولم يكن الحلم ليكتمل إلا بعون الله ثم مساعدة رجالات المجلة الكرام الذين وقفوا أعمدة راسخة فيها حتى تخطت مرحلتها الأولى .

فكرة مجلة رؤية مصرية وضعت على الشبكة الالكترونية أول خطوطها في السادس من مارس الماضي أيضا وظلت مطموسة المعالم مختفية بين يد فلان وعلان ممن يحاولون هيكلتها بشكل سهل ليبدأ العمل في إصدار أعدادها ، وبعد أسبوع من الآن يحل علينا ذات التاريخ من شهر مارس الحالي 2010 وهو اليوم الذي يصدر فيه بأمر الله عددنا القادم رقم 48 من أعداد هذه المجلة ।

لا أجد في مقامي هذا مجالا لشيء سوى أن أشكر الله على أن أمضى لنا البداية على خير وقوى عزمنا وجعلنا نصر دائما على خطوات ثابتة راسخة تخطو بنا إلى النجاح شيئا فشيئا ، ثم لا يفوتني أن أشكر كل ساهم في المجلة بحرف أو كلمة أو عمل صغير أو كبير وعلى رأسهم أمي بعد أمي " ستيتة حسب الله الحمش ، والأستاذ الفاضل تامر علي و أخي الأكبر الدكتور ياسر عمر عبد الفتاح والريشة الشابة بسمة صلاح على ما كان منهم قبل عام وقت التأسيس ، أعيد و أكرر أن هدف هذه المجلة هو الرقي بالإعلام العربي مرئيا كان أومسموعا أو مكتوبا ، لذا فستفاجأون بحول الله وقوته بهيئة المجلة الجديدة وهيكلها المختلف من العدد القادم .

 
') }else{document.write('') } }