الحب غيــبا

شيء غريب .. ما هو هذا الشيء الذي يدفعنا لرؤية خبايا الأشياء ؟ ! ، قديما علمونا أن ما يخفى على أعيننا ومسامعنا أمر غيبي ، لكنني الآن أرى شيء منه جليا ، لا تدركه عيني لكن نفسي تعيشه .. تتنفسه روحي بقوة ، ذلك الشعور الكامن في قلبي .. هو حبها .

في تقديري الآن أقول أن الغيب درجات .. غيبيات يمكن للبشر معرفتها بشكل أو بآخر فهي متاحة يمكن الوصول إليها حين تتوفر عدة شروط ، و غيبيات محفوظة ما يكون لنا مهما طال الأمد أو اتسعت الأضواء في بصيرتنا أن نقرأها . أما أنا فقد قرأت يوما حبنا غيبا وحفظته وحفرته في قلبي .

حينما تشعر أن نفسا ما تنصهر أنت داخلها ، تذوب فيها كما يذوب الشمع في العسل ، تراها مغرمة بك تصفك لنفسها وصف العاشقة المتيمة الهائمة .. و تصفك لغيرها ذات الوصف إلا أنها تحرص عليك من عيونهم حرصها على ذاتك المتأصلة داخلها من أن يراها أو يسكنها غيرك أنت و هي ، صدقني لن تستطيع أن تفعل شيئا مطلقا .. ستجدك مسلما لروحها بسهولة كأنما انسلت منك نفسك فسكنتها دون أن تشعر .

أنا أفهم جيدا كيف هو الحب ، أحسه .. أعرفه ويعرفني ، قليل من البشر من يستطيع التحكم في ذاته ، من ذا الذي يأمر النفس أن تحب فتهيم بكل ما فيها عشقا وغراما .. هو الله الواحد و نحن لا نملك في حكم الله إلا أن نقول سمعنا و أطعنا غفرانك ربنا .

تحدثني كوامن روحي الآن .. تأمرني أن أترك كياني كما هو .. لها ، لرغباتها .. لما تشتهي و ما تريد ، أن أفعل كل ما تشاءه دون أن أفكر لحظة في ماهية أمر ما .. أتيقن بقوة تؤكد لي بوضوح أن كل ما يعيش داخلي وينبض بنبضي هو سيد المشاعر كلها و أعرقها نسبا و أشدها على النفس و أرقها في آن واحد .. هو الحب .

لسنا مأمورين أبدا أن نعيش وحدنا ، كذلك لسنا مأمورين بالسعي وراء البحث عن وليف الروح ، هذه نظرية علمتني الحياة إياها ، دروس النفس البشرية أبلغ و أكثر فائدة من دروس مدارس الدنيا وهيئات البشر ، حين تسكن فيك نفس أنثى و تسكن أنت في نفسها فليترك كلاكما العنان للحياة أن تغسله وتطهر بوليدهما الذي هو الحب نفسيهما .

الآن .. أحتضن روحها بقوة .. أريد أن أسكب فوق روحينا عبير الهوى .. كم تخامرني رغبة قوية بأن أسدل ثوب العشق علينا لا نخلعه ولا يتركنا ، ما أجمل أن تستحم الأرواح متعانقة تصب الحياة فوقها رحيق الورد و عبق السعادة .. و ما أروع تلك الروح التي تعانقني .. روحها ، روح الأنثى المفعمة بكل الرقة والحنان و الدلال .. الملبسة بكل ما خلق الله لأنثى في الوجود .

 
') }else{document.write('') } }