رؤية مصرية .. تشرق من جديد

احبسوا الأنفاس .. وترقبوا المفاجأة وانتظروا فجر السبت الأول من أغسطس /2009 ، حيث الإشراقة الجديدة والطلة المختلفة لمجلة رؤية مصرية ، منبر الحرية في ساحة الإعلام العربي .

تصميم مختلف وجذاب .. برمجة دقيقة وقوية .. وجديدنا الذي وعدناكم به .. ربما يكون الوعد قد طال ولكنه أصبح الآن حقيقة .. على بعد ساعات تفصلنا عن طلعة العدد السابع عشر تزينه أقلام رؤية وبسقيه جهد فريق كامل من النحررين والصحفيين والقائمين بشؤون المجلة ممن تعرفون وومن هم جنود مجهولة في إنجاح رؤيتنا .

ومع اقتراب دخول الشهر الكريم تعدكم رؤية مصرية بعرض مختلف ومادة جديدة المعنى والفكرة والمضمون خلال شهر رمضان المبارك .. جدول خاص بمادة رمضان والعيد ليكون الصيام مع رؤية مصرية أكثر سهولة وأعذب إحساسا فإن منعتم من الطعام والشراب فلدينا طعام عقولكم وشرابها يذهب عنكم ضراوة الجوع والعطش.

موعدنا السبت بمشيئة الله ولكم مطلق الحرية في إبداء آرائكم ومقترحاتكم وما تشاؤون على العناوين البريدية للمجلة سواء الجديدة أو القديمة .

info@roaua.com

roaua.com@gmail.com

رؤية مصرية .. هي دائما منبر مختلف وصوت الحق والحرية

رابط التعليقات أعلى عنوان البوست

مس من جنـون

وي كأنه يا نفس كان البارحة .. سبعة أشهر لم تطفئ لهيب الشوق ولا ملأت جنان الروح بغيرها .. حتى الذكرى ما تزال تمر قاسية كلذع الفراق في لحظته الأولى وكأن يد الزمان طوت الأيام فمضت كطيف عابر تحمله ريح ساخنة عاتية .. وتبقى التفاصيل بدقتها والأيام بساعاتها ودقائقها حتى يخيل إليه أنها الضحكات ما زال يرددها الصدى على مسامعه ويسجلها القلب كأجراس تدق بابه الذي لا يوصد عنها وإنما يحكم إغلاقه وهي بداخل كيانه لتبقى ولا تغيب ..

ذلك الطريق الذي حفظ خطواته .. بداية من المحطة وحتى المحطة الأخرى . ومن ذلك المسجد الشاهد عليه وعلى ما بقلبه حتى تلك الشجرة .. كنت أتصور قديما أن معانقة الشجر لروايات الغرام تقليدا ابتدعه أحدهم ونص الباقون عليه نصوصهم وتعود بي الذكرى حتى أزداد إيمانا أنها واقع وحقيقة .. شجرة لو نطقت لنادت عليه .. استوحشته وافتقدت وجوده .. صورة لم ترسمها ريشة فنان و لا كتبها قلم أديب إنما أبدعها جمال الروح وعشق القلب ورسمتها قبل ذلك يد مقدر الأقدار ..

ثمان مرات لا ينسى منهن لحظة .. يوم أن خرج وساقته نفسه لزيارة أهلها ويوم أن أعادها وابتدت علاقته مع ظل الشجرة .. يذكر تماما ذلك الخن الصغير بين البنايتين خلف الشجرة .. كان يغيب فيه ويشرق بطلته لتراه ثانية من شرفة دارهم .. تطل كبدر قمري غطته غيمة .. تستحي أن يرى طرفها ، كان يستعذب فرحتها برؤيته وتلك الراحة التي تسبل ستارها عليها ، ويطل وما يرى سوى خيال خفيف لا يزيده إلا شوقا وعشقا .. حديثهما عبر الهاتف حين تمر تلك الشاحنة فتفصل الصوت والرؤية وتمضي فيضحكان .. وبلسان واحد " علي صوتك شوية" .

لم يذق في حياته أطيب من شراب المانجو الذي أعدته له بيدها .. يوم أن قررت إعطائه له يدا بيد من وراء حجاب .. مدت يدها ومد يده ليستلم شراب العشق الروحي الذي يتذكر تماما أنه التقم الكأس كطفل جائع .. وتلك الحلوى التي تبقى أوراقها إلى الأبد تحمل عطرها وتحتفظ بملمس يدها .. هديتها .. قميصها .. كل ما لها عنده ما يزال على حاله يحفظ عهد الحب ويقيم بناءه على الأصل الذي أسس عليه . لم يتخلى سوى عن صورة كانت أهدته إياها ما ذلك إلى اقامة لحق الله وردعا لشيطان الزمن أن يعبث بها .. ملامحها محفورة في ذهنه لا يمكن أن يمحوها الزمن .

يذكر يوم عرفها ويوم عشقها ويوم رآها لأول مرة .. يحفظ عن ظهر قلب كلماتها التي قالتها .. يعرف حالتها من نظرة من كلمة أو حتى همسة .. سطر في حبها سطورا لحنتها معازف الهوى وغناها طربا على مسمعها بصوته .. ليس أجمل من الحب على أنغام صوت الحبيب ..

لا يغيب عنه أبدا ذلك الطريق الذي قطعه سائرا ذهابا وإيابا أكثر من خمس مرات في مكالمة واحدة .. غَيَّبه حديثها عن واقعه .. كانت الدنيا تختصر معها بكل ما فيها .. أجمل لحظات حياته يوم تقابل الوجهان وهي تضع له صحن الفاكهة وما صارت الفاكهة عذبة المذاق إلا لأنها سقتها من رحيها .. وتملكه رعاش الحب لحظة وقوفه بين يديها .. صوتها وهي تقول " مش هتتوضى " يا ويح قلبه كم ذاب حينها ويا ويل عقله الذي أذهبه تماما نبضهما المتناغم .. لحظة لم تدم أكثر من خمس ثوان إلا أنها بحياته كلهـا .

لكن الزمن لم يقبل بدوام الصفاء على قلبيهما أكثر من هذا ، وبدأت دابة الفراق تأكل في الساحة بينهما حتى حفرت بئرا غائرا فتحت له مجرا تسقيه من دمه ودمها ليظل العذاب الأبدي مشترك بينهما .. تحبه ويحبها لكن عصا السجان فوقهما .. وبعد سبعة أشهر كوامل لم يفارقه خيالها ولم تغب عنه .. عاد القدر وبعث له بصوتها .." ألو .. السلام عليكم " فقط لا أكثر ، زلزلت كيانه وفجرت بركانه الذي انفجر من فُوَهِةِ بئر الفراق.. يتمنى العودة .. فقد أضناه الفراق وسكنه الجنون .. وما كل ما يتمنى المرأ يدركه .

رابط التعليقات أعلى عنوان البوست أو من هنا

تائـه في وادي الغـرام

كلما ههمت أن أبعد فكري وخاطري عن الحب وأجواءه وعن الأنثى وخبايا روحها .. وحين أقترب من خط الوصول لتحقيق الفكرة أعود وانتكس ثانية ويضيع إيماني بأن شأني بهذا الأمر لم يأتي بعد .. كل ذلك لأن عيني رأت إحداهن تعتصر جمالا وتذوب رقة .

أنهيت يومها مع رفيقي طريقنا وتركته ممتدا بطوله يسير على بره الناس ..يستنشقون نسماته العذبة ووعدته بالعودة قريبا .. ووصلت باب الدار وفتحته .. سرت خطوات إلى الأمام لأرى عن قرب ذلك الكيان الذي لو كان من العدل أن أقول أنه لا يشبه أنثى في الكون لقلت .. وكأن شطر الجمال الآخر ركب فيها .. سقطت عيني عليها لحظة قصيرة بعدها التفت بسرعة عنها تماما و أنا في حالة من الرعاش والذهول .. مَن هذه ؟

سألت أختي أخبرتني أنها حفيدة عم والدي .. تِربتي في العمر وربما أصغر أو أكبر بقليل .. ويحك أيتها الملامح الرقيقة ما فعلتِ بي ؟ .. ويحك أيتها الروح .. أتنجذبين لجمال دون أن تعرفين صاحبته .. هي ثوب الأنوثة ذاته ووعاء الدفء والرقة والحنان .. تصنعت الحديث مع أختي الأخرى التي تجلس معهم ورحت إليهم أحاكيها وعيني تختلس النظر إلى ذلك القمر الذي زارنا وما اختار إلى سريري ليجلس عليه .. صوتها .. ضحكتها .. حدثتني نفسي حينها بحديث العاشق المغلوب .." آه لو كنت عدسة تلك النظارة أو حتى يد تلك الحقيبة أما كان الأمر أسهل بكثير " .. انسحبت بهدوء ورحت إلى الغرفة المجاورة أضحك من حديث نفسي الشقية التي تغلبني على الذوبان دائما وتعينني عليه ..

لم أستطع الخروج من حالتي تلك حتى الآن .. هذا هو قدري .. وكأنهم يوم ولدت ضربوا قلبي بسياط الأنثى وخدروا عقلي بروحها وكيانها حتى أعيش في واديها دائما .. يبدو أن فكرة الابتعاد لن تتحقق أبدا .. هي فكرة خاطئة تماما .. كيف لي أن أترك عالما تغوص فيه روحي منذ زمن طويل .. أيعقل أن أترك روحي وأعيش بعيدا عنها .. ولكن في المقابل أيعقل أن أترك روحي تغرق دون أن أحاول البحث لها عن برٍ في هذا الوادي .. أَوَ ضاقت أركانه وضواحيه بقلبي فلم تجد له كيانا يناسبه أم أنها لم تخلق بعد تلك التي تذوب عشقا فيه ؟

آه يا أيها القلب .. أما لك من وليف يؤنس نبضك .. ترتاح إليه وتهنأ به .. أما لك حظ في وادي الحمام الأبيض الرقيق .. أما آن لعصفورة عذبة المحُيا بارعة الحسن أن ترفرف بجناحيها الصغيرين عليك وتنتهي إلى كتفك تتكئ عليه طيلة العمر .. أَوَما حان الوقت لتمتلك قلب إحداهن لتنعم بغرامه وتغيب في أحضانه .. ربما لم يحن الوقت بعد .. أَوَ تخبئ لي خيرا أيها القدر أم أنه الحـال باق على ما هو عليه ؟

رابط التعليقات أعلى عنوان البوست أو من هنا

غـريـب

وكأنه ليس ذلك النيل الذي عشقته ورافقت طريقه الممتد في مدينتنا كثيرا .. كأنني لست أنا أو أن روحي بدلت بغيرها أو ربما يكون عقلي قد فقد صوابه وانهدمت مآذن الفكر والذاكرة فيه .. لم تكفيني حينها ألف دمعة ودمعة ولن يجدي البكاء .. رأيتني أنهار تماما .. ذلك الكيان الشاب يسقط أساسه وتذبل جذوره ليضحي بعد وقت قليل جسد ولا روح .. يحثت عن الصبر داخلي ليكتم تلك الصرخة التي أثارتها حرارة قلبي حتى وصلت إلى أول حلقي وكادت تخرج لولا أن شيئا ما منعني لا أعرف ما هو ..

فكرت .. حاولت إقناع نفسي أن أمرا ما يشغلني خلط علي الأمور وركب بعضها في غيره .. لكن عقلي أبى أن يستجيب لي .. إذا كانت الخيانة تأتيني من ذاتي فما لي ألوم غيري وإن كان قريبا مني بدرجة تمنعه من الخيانة إن خان ..

استسلمت لتلك اللحظة واستفسرت رجلا من المارة عن مبنى المحافظة ليزداد ألمي وتبكي روحي أكثر .. إذ هو خلفي .. تلك البوابة التي فارقتها منذ قليل هي أحد مداخل المحافظة .. وليك أيها العقل .. جعلت أكرر ذكر الله حينا ثم تلوته بتكرار اسمي حتى لا يضيع هو الآخر من ذاكرتي .. لم أجد بدا من سيارة الأجرة وإن كان وعيي ما يزال يذكر أن الطريق في آخر الشارع المقابل لمبنى المحافظة إلا أنني الآن تائه عن نفسي فكيف لي أن أدرك ذاك الشارع . وعدت أخيرا أحمل هما على همي و قد زاد في رصيد الألم والأرق والقلق ضيفا جديدا اسمه " من أنا ؟ " سأتعرف عليك أيتها الروح من جديد ..

استلمت كأس الماء البارد .. وضعته عند فمي فاختلطت دموع أجفاني بقطرات الماء .. رميت بالكأس بعيدا .. سقطت على ذاك الكرسي الذي رحت عليه من شدة الإرهاق في عفوة طويلة أظنها استمرت ساعة أو أقل .. صحوت بعدها أحاول نسيان ما جرى .. رحت اتصفح ما كتبت سابقا .. وجدتني ما زلت أتذكر كل شيء مضى إلا ما كان اليوم سوى تلك اللحظة التي قلقل فيها كياني كأنما هزه زلزال قوي بكل مقايس الزلازل .. ليتني أنسى هذه اللحظة .. ليتني أعرف حقا ماذا جرى اليوم مع بدايته .. متى صحوت ومتى خرجت وحتى ما الذي كنت أفعله هناك في مبنى المحافظة ..

أكثر آلام الغربة أن تشعر بغربتك داخل نفسك .. أشد ألوان الخيانة أن تخونك روحك .. أكثر الوجع مرارة أن تتألم من سياط تضربك به ذاتك .. هكذا صنعت مع نفسي اليوم وهكذا صنعت معي .. أحمد الله أني ما زلت أعرف من أنا .

رابط التلعيقات أعلى عنوان البوست أو من هنا

بعض من بعض

الأفكار لا تولد في ذهني إلا حينما أميل على جنبي وأضع يدي تحت رأسي وخلفهما الوسادة .. هكذا اعتدت منذ صبايَ .. أكاد أعتصر نوما وبمجرد أن تتصارع الأفكار إلى ذهني يخلو الجفن من حرقة النعاس ورغبة النوم وأفيق كمن نام أسبوعا كاملا وينبعث فيّ النشاط .. ثم أمسك قلمي فيتشتت عقلي ولا أدرك مما تصارع في بالي شيئا إلا قليله الذس لا يسمن ولا يغني عن ضياع النوم الذي سأحارب جفوني لأعيده إليها ثانية .

أتذكر يوما شرد ذهني هناك وهنا .. مر بحارات الدنيا وسبح في بحورها وفعل كل ما أتمنى حتى وجدها تقف على شاطئ الحياة تنتظر .. أجمل عالم ذهبته بخيالي مذ وعيت وفهمت معنى التخيل .. عرفتها حقيقة .. تمنيت لو كنت قد سجلت خيالي لأقارنهما كيف هي وكيف هو ؟

عندما تأمرني روحي بمرافقة النيل وتأخذني قدمي إليه أشعر بأكثر من إحساس .. عشق النيل .. راحة تفتح أبواب روحي مع أول نسمة هواء أستنشقها .. صفاء البال واتساع الخيال .. علمني السير برفقة النيل وحدي أكثر من معنى .. علمني كيف أذوب في هوايا وعشقي ثم أكتم ولا أتكلم .. علمني أن أشتاق فأصبر وأن يقدم لي فأسترخي بكل هدوء وكأن شوقي لم يكن ثم آخذ دون أن تبوح روحي بسر الشوق ..

الحياة مكمن أسرار ما نعمله عنها قشور تمكننا من العيش لا من الحيـاة .. أن تعرف كيف تتنفس لتكتسب لا لتفقد .. أن تأكل لتفييد كيانك لا لتهدم بنيتك .. أن تفكر لتعمر لا لتدمر .. أن تحب أنثى لأنها نصف الدنيا الآخر لا لأنها الصنف الآخر الذي يكمل صلة يعلمها الله .كل ذلك لا يعي حقيقته إلا قليل .

تعودت أن أتألم ولا يشعر بوجعي سوايَ أنا .. أن أصرخ ولا تسمع صرخاتي سوى أذناي .. تعلمت أخيرا أن أعيشها مع الناس وأكون وحدي .. هكذا لا بد أن يكون لأن غير هذا لن يصلح معي .

رابط التعليقات أعلى عنوان البوست أو من هنا

بأي ذنب ؟

كطلعة الفجر يتلوه أول النهـار ثم يولد على رأس النهار قرص شمسي يحيل دفء الصباح حرا واصبا ما تلبث عينه الواسعة المحدقة تطل ساعات حتى تأفل وكأنما أبصرت كل ما هنا فتروح راحلة بحثا عن مشهد آخر .. كانت هي تماما ذلك التدريج الذي مر بقلبه .. في بدءه لطيف ناعم وفي آخره غياب تام و .. ظــلام .

هو في حسبتها قد فارق الحياة .. انتزعته من شراينها التي طالما اختلط بدمها وجرى فيها .. تألمت لكنها قررت الرحيل عنه وتجاهله تماما .. مرت سنة ولم يبقى من ذلك أثرا سوى ذكرى لا تسمن ولا تغني إنما هو الماضي ليس إلا ..

عرفهـا صاحبنا .. ليس له علم بما مرت به .. رآها قلبه قبل أن تراها عيناه ، حاول إيهام نفسه أنه الإعجاب فهي عالم آخر من الحسن والرقة لكن روحه أبت إلا أن تثبت له خلاف ذلك لتفضح كذبه أمام قلبه وتوقعه صيدا في شِبَاكِ الغرام. كتم هواه في قلبه أياما وأيام حتى كانت لحظة اللقاء المباشر .. كانت لحظات تاه فيها عقله فيها وذابت نفسه في أحضان روحها .. يجلس في حضرتهم غيره وغيرها لكنه كان غائبا يشرف على تشيد صرحها الذي وُضِعَت أساساته يوم رآها قلبه .. لم تنته تلك اللحظات إلا وكانت روحه قد سُوِّيَت على نار شوقه لها .. أكثر الشوق ألما أن تكون حبيبتك مقابلة لك .. و إلى جوارك ثم لا يمكنك الوصول إليها .

حدث نفسه .. خشي البوح بنبضه .. كثير من كلامه ربما يكون متكرر على ألسنة غيره .. يريد أن ينطق بشيء جديد مختلف ليكون لها حكرا خاصا ليس لغيرها من فتيات الدنيا .. الخوف من المواجهة أصعب من المصارحة ذاتها .. اختنقت الحروف كثيرا في حلقه .. بكت عينه حتى حسب أن البحار تنبع من أجفانه .. تألم حتى انتهى نحيلا أكثر من نحوله وقرر أخيرا أن يقول ..

راح يدور حول سياج مشاعره .. كان تلميحا صريحا بعض الشيء .. فهمته ووعت ما يريد قوله .. قبولها لما قال لم يكن إلا احتراما لمشاعره .. أخبرته يومها أنها لا ترغب في خسارة رفقته لكنها لا ترى علاقته بها إلا مجرد صداقة .. كذب على نفسه وحاول اقناعها بترك الامر لشأن القدر .. وحاولت هي ثنيه عما يفكر فيه .. لكن بنائها قد شُيِّد في قلبه ولا يمكن أن يسمح بقرار إزالته أن يخرج للوجود فصلابته وقوته تحميه من السقوط أبد الدهر ..

حديثهم دائما لم يعد له هيكلة سوى شأنه بها وشأنها بما يفكر به .. تبعده فيدنو أكثر ، تصده فيزداد عشقا لها .. احتارت في أمره لكن حبه لها عمى عينه عما تفعله به .. كلامها كسم يجري في عروقه يرتجف منه لكنه لا يزيده إلا حبا لها .. لم تشعر به يوما ولم يمر على خاطرها لحظة واحدة حتى خشيتها عليه من الهلاك لم يكن سوى تلك الدقائق التي تحاكيه فيها ..

ظل على حالته يعشق من لا تنتبه إليه .. أعجبه احساس الألم بحبها ، لم يجد من نفسه إلا تسليما وخنوعا لها يزداد يوما وراء آخر حتى انطوى قلبه على عشق خرافي وحب جنوني لها .. هذه التي ما شعرت بنبضه ولا حتى حنت على حاله .. صاحبته دموعه ورافق السهر أجفانه .. عرفه شارع البحر الذي حفظ خطواته اليومية ، زاد الأمر إلى حد التيم والهيام .. أنفاسه عطرها ، نبضه همسها ، كله هي وهي رافضة كل ذلك تماما لكنه لا يمكنها من فعل شيء .. دائما يقنعها بأن القدر هو الذي رماها في طريقه .. مر بها فارتدتها روحه لباس عشق ليس له في يد .. رحمت حاله كصيرا وسكتت عن صده مرة ومرة حتى بل الحال ذروته .

رأت أن البعد هو الحل الوحيـد .. أرهقها ما هو فيه وأشقاها كثيرا .. ليس حبا إنما مللا واستهجانا .. أصبح بالنسبة لها كابوسا مقلقا وإزعاجا لا داعي له .. أخبرته بما تريد وكأن بركانا كامنا بقلبه وانفجر حين سمع ما تقول .. حاول استدرار العطف .. تكلم بحروف تدمي الصخر لكنها كانت حينها أشد قسوة .. أحرقه الألم .. لا يصدق ما سيكون .. ساقه الجنون لها لهدم صرح كرامته وإباء نفسه تحت قدميها .. كطفل تفارقه أمه .. لكنها عزمت الرحيل ولن يثنيها عما نوت أي قول ..

صرخاته لم تمنعها من أن تدهس قلبه وتتخذ روحه مسارا تعبر عليه إلى عالم الرحيل بعيدا لتغيب عنه وتضحي حياته بعدها روحا مبهمة خاوية على عروشها هزمها الألم وذبحتها أنثى .. هكذا هو الحب .. سيبقى هكذا قلبك يا صاحبي يعتصر ألما وينبض بذكراها .

رابط التعليقات أسفل عنوان البوست أو من هنا

حواء .. أعشقك هكـذا

يكتب قلمي حروف روحي هذه و حاله يعلمها الله ، بين النشوة والألم .. شدو الروح و أنين القلب .. عشق الهوى و عذاب النبض .. عانقت عيني نثرا كثيرا و خواطر كتبتها أقلامهن غرست في أعماقي أغصانا خضراء يانعة من بستان الحب .. راحت الأنثى تجوب في فكري تروح وتجيء ذهابا وإيابا بين قلبي وعقلي .. احتلتني بقوة وأسرني كثيرا هذا الإحساس حين صادفتني هذه الكلمات " آدم أكرهك وأنت هكذا" كتبتها إحداهن .. شعرت أن دواخلي تثيرني لأكتب عن الأنثى ..كيف أعشقها أنا ، أحبكِ هكذا فانظري كيف يفكر بعض "آدم" ببعض "حواء" ..

كيفما اخترقتي روحي فأنتِ حبيبتي .. لا أريدك ِ عجينا سهلا أحركه في يدي فينصاع ليكون كما أشتهي فلن أشتهي شيئا لا تحويه روحك ِ .. تعنين ما أقصده يا كلي أنا .

أحبكِ كما شاء القدر أن تكوني .. رقيقة الطباع حنونة .. أحب حبكِ لي وأخشى كثيرا من قول لا .. كم أكره كلمة لا ، تقتلني وتطعن روحي ومن اليسير أن تكون نعم .. فلم لا ؟

الحب يا أنثاي له عندي صياغة واحدة تصف حروفه .. أول سلمات الجنون و صعود درجاته شديد كأنما الروح تغرس في جسدي من جديد .. الوصول لآخر سلماته هو أن أكون بين يديكِ أو بين يدي حاملي نعشي إلى القبر .. ورب حياة كانت قبرا ورب قبرٍ كان حياة .

أعشق هدوؤك .. براءتك .. شعوري بحنانك .. أعشق أن أراكِ أنثى وأن ترين فيّ ذلك الرجل الذي تتمنين ، أكثر ما يذيبني فيكِ غراما نظراتك التي تخفي خلفها روحا مليئة بأعذب نسمات القلوب .. ليس أقرب لقلبي من حروف اسمك كيفما كتب .. بكل لغات العالم وبألحان الدنيا ..

إن أدت الحديث عن غير أنثى قلبي فالعموم أني أقبل الأنثى كيفما تكون .. أقتنع تماما وأؤمن أنكن زينة الحياة الدنيا وبهجتها .. لكن نفسي تمقت تلك التي تقصد التكسر في الكلام أو هذه التي تحاول لفت الانتباه .. كم أتألم كثيرا كلما تذكرت تلك التي خلعت عنها رداء الحياء يوم وقعت في بئر ولغ فيه شيطان ورماني ذنبي على ذلك الميكرو .. ركبته ولم يكن به سوى فتاة تغوص في بحر رجال .. تتكلم بكل وقاحة وبلا أدنى خوف على ذاتها .. أكلتها عيون بعضهم وسفهتها أخرى وكدت أحترق ألما لما تصنع .

كوني كما نريدكِ ، أنثى الذات والمعنى .. أنثى القلب وبراءة الروح .. ليظل عشقك تاجا على رأسي وسوارا حلالا أتقلده في معصمي .. ونبضا يسري في دمي وعشقا يسكن قلبي .. و ليبقى كلي أنا هو أنتِ .

رابط التعليقات أسفل عنوان البوست أو من هنا

بعض من حلـم

على ذلك الصوت ، الذي يتصنع حيال الوصول إليه المكر على أمه حين تمنعه من الخروج لصاحبه .. ثم يروح هاربا خلسة ليتبعه و وهو يمر من بين زقاق القرية ، يصحوا دائما .. يستعذب نداءاته " بيكيا .. أشتري أي حاجة قديمة ..بيكيا " ..

أمضى سنوات صباه بين الكتاب و طرقات القرية الصغيرة لعبا مع رفاقه .. ما زال يتذكر تلك التجربة التي يلوم نفسه أن عاد منها حين ساقته نفسه إلى مصر العامرة .. وصار الصبي فتيا يعرف الجدال ويعشق القراءة .. والفتى انقلب شابا يحب الخلوة بذاته ، يصطحب حطبا ويضرم فيه النار على مشارف تلك العين الصغيرة التي يسمونها "ترعة" يخاطب نفسه بصوت مسموع في جنح الليل .. بعض من وقته في دكان أبيه وآخره بين ورقه وكتبه ونيفٌ باقٍ يقضيه خاليا بروحه هائما مع هواجسه وأفكاره .. ومازال ينتظر تحقق الحلم وانجاز الوعد الذي قطعه له أبوه بان يزور معه مصر ثانية مذ كان صبيا .

مضت بعض سنوات وقضى القدر أن يرحل أخيرا عن قريتهم تلك ليفتح أفاقا أبعد ويحقق ما تمنى .. لكن ليس إلى القاهرة إنما إلى عروس النيل حيث استقر الأمر أن تكون دراسته الجامعية هناك .. راح يقرا ويبحث ليعرف أكثر عنها فما يعرفه قليل قديم لا يذكر منه سوى أنها آسرة لويس التاسع .. وجد كثيرا ضمته صفحات الكتب .. عرف أن بها أكثر نساء مصر جمالا .. فتيات كن أو حتى العجائز .. هكذا خيلت له نفسه أن القمر مذ خلقه ربه قمر فكيف يتغير جمال الأنثى كبرت أو صغرت .. كم يمقت من حقب التاريخ تلك التي كان للامجليز والفرنسين قدم في مصر لكنه اليوم فقط سعيد بتلك الحسنة التي خلدها الفرنسيون في عروس النيل فجمال الأنثى فيها كان وراءه اندماجهم بنسائها .. صدقت حينها مقولة أنيس منصور التي رآى صدى ضجتها على صفحات الجرائد أن أهل عروس النيل فرنسيوا الأصل وإن كانت عبارة بنصف صحة .

ساعات بقيت ليرحل كن كسبع دهور مما عاش في هذه القرية التي يقول عنها دائما " القرية الظالم أهلها " ..حمل قدمه التي شعر فيها بثقل ينبعث من خلف غصة تخفيها نفسه و ركب القطار .. هذه المرة يجلس في مقعده شابا أنيقا .. وتعود ذكريات الصبى الباهتة لمخيلته يوم كان الخوف مزروعا في نفسه من " الكومسري" فلم يكن ليدفع له قرشا .. تلك المحطات التي جراها خلف القطار .. ثلاثة أرباع الذكرى حكايات سمعها منهم بعدما كبر .. كان يومها قد حكاها لأمه واليوم يتذكرها من حديث أمه له .. وانقطعت المسافة أخيرا ، ليصل إلى عروس النيل ..

يومه الأول فيها كأول يوم في حياته .. رافق النيل العظيم على امتداد فرعه فيها يسير بجواره مستنشفا نسماته الدافئة ، يحسبها أعذب نسمات الدنيا فقد اختلطت بأنفاس أجمل الفتيات كيف لا وهو لم يرى في حياته وجها صبوحا متفتحا كوجه تلك التي تسير على نفس خط سيره أو تلك التي تتكئ على كتف شاب تقف معه أو أو أو .. كل ما يعرفه عن عالم الأنثى أمه وأخته الصغيرة ولا يذكر أبدا أن رآهن في صورة تقترب واحدا بالمئة من صور هذه الوجوه الدافئة .. ابتاع وهو يسير الحب والفستق وشيئا كثيرا من المكسرات التي يتذوقها للمرة الأولى .. كم هو شعور رائع أن ينتقي ما لذ له وطاب دون وصاية من أبيه أو تحديدا لشيء معين من أمه .

وصل إلى مسكنه بعد رحلة طويلة أنهاها برفقة النيل والتملق في ملامح البراءة والجمال .. شعور جديد يسكن قلبه وروح خفيفة ترتيدها نفسه كرداء حياة مختلف .. يغيب في نومه وتخالطه أحلام النوم في عالمه الجديد .. يعود فيصحو ثانية لكنه هذه المرة يسمع ندآت عدة كلها جديد بلحن مختلف لم يسمعه قبل أحدهم ينادي " خزين يا بصل " باعوجاج في حروفه ونبرة موسيقية مزعجة وآخر ينادي " بـ 14 جنيه طبق البيض الأحمر الكبيرة الطازه " تعجب كثيرا من نداءه .. هل يباع البيض هنا .. علاقة البيض مرتبطة دائما ببيت الدجاج الصغير في دارهم بالقرية ولا يذكر أن رآى أو سمع عن بيض يباع فما كانت له صلة بحاجيات الدار كثيرا .. وذلك الصوت الصاخب الذي ينادي " العيش البلدي .. أسمر وأبيض وفلاحي " .. يالها من موشحات مزعجة تعكر صفو هذه المدينة التي تنام على ضفاف النيل وتغرق في الجمال وتعوم على بحر الرقة .. تعود به الذاكرة لأيام الصبى يوم كان المواوي ينادي وأم سلامة ترد خلفه .. يختلف هذا النداء عن ذلك تماما .. نداء المآتم والأفراح وذا نداء البيع والإزعاج .. لكنه كلية عشق العروس مع أو ليلة له في أحضانها ليكون بعض حلمه قد تحقق ..

العنوان الأساسي لهذا الفصل من الحكاية " ليلة في أحضان عروس " لكنني خشية أن يفهمه البعض بصورة غير لائقة بدلته إلى " بعض من حلم " أظن أن الأنسب هو العنوان الأصلي لكن معناه لا يتضح إلا لمن يصل في القراءة إلى آخر عبارة.

رابط التعليقات أسفل عنوان البوست أو من هنا

أشمـون

في ريف مصر وبين أحضان السكون تقبع تلك القرية الصغيرة " أشمون " .. ذلك المجرى المائي الصغير .. تملأه الطيور وسط زخم من بقايا البيوت .. أمر اعتاده أهل القرية .. لا تجد إحداهن حرجا في أن تترك صبيها يلهو مع رفاقه ليعود إليها وقد لحق به من الأذى ما الله به عليم .. رامي ذو الخمس زهرات أحد هؤلاء الصبيان .. يشم رائحة أبيه عن بعد فيضع ذيل ثوبه بفمه دون أن ينتبه أو يشعر بعكرة فيه ويأخذها جريا حتى يسكن في جانب الدار ..

علاقة رامي بعمته أكثر قوة حتى من ارتباطه بأبيه وأمه .. تعني له مصر بأكملها وإن كان لا يعرف مصر هذه .. مر شهرين ولم تأت كعادتها لزيارتهم ، سمع حديث حديثا من أبيه بصوته الخافت دائما كأنما يسترق النطق في أذن أمه عن مرض عمته .. طلب من أبيه أن يصبحه لزيارة عمته ، بداية لم يسمح له بالحديث مطلقا في هذا الأمر "اسكت ياولد ملكش دعوى بكلام الكبار عمتك بخير ..اكتم لأحسن ما .. " لكنه أصر ولزم الصراخ والعويل حتى أخذ وعدا من أبيه أن يصحبه صبيحة الغد إلى عمته في القاهرة . ونام الصبي على ذلك الأمل الذي رسم له حلما بديعا ..سيرى قاهرة المعز .. لكن الصبح أتى وغادره أبوه خلسة .. استيقظ فزعا وقرر الذهاب وحده فلن يضيع حلمه هباء .

خرج من دارهم حافي القدم معمص العين .. انتبه وعاد يحدث نفسه " انت رايح القاهرة يا غبي " أغطس وجهه في قدر به بعض الماء العكر ولبس بلغته القديمة وخرج بثوبه الرث حتى وصل محطة قطار " أشمون" ... " عمو عمو .. هو القطر الي رايح الكاهرة فين " تبسم الرجل في وجهه " الي رايح الكاهرة هو ده يا حبيبي " .. راح جريا وصعد القطار وكأنما فتح له بابا إلى الجنة .. بقي متخفيا من "الكومسري" هنا وهناك ..يختفي ويظهر عندما يروح الرجل بعيدا .. يقف القطار محطة فينزل ويجري وراءه محطتين ثم يركب تارة أخرى .. هكذا حتى أفلت من الأجرة .. ساعات وانتهى القطار إلى محطة مصر .. ونزل الصبي الصغير ليرى حلمه .

ظل يسير ووجهه الصغير ينظر إلى من لم تره عينه قط .. على غير حسبانه جاءت تلك المشاهد .. جعل يقص منها ويحفظ في ذاكرته ، يكمل سيره بين خط " التروماي " وعلى الكورنيش دون وعي أو خوف .. حتى وصل ميدان التحرير ، هو لا يعرف شيئا ولا يدرك من الكلام سوى حروف تعلمها في الكتاب .. حاول أن يقرا شيئا لكنه حفيظة عقله خانته .. اقتنع أخيرا ان القاهرة هذه ليست كأشمون .. " كبيرة قوي يا مصر أومال في بأه قصر عيني " .. جلس يلتفت حوله ..يرى كما من الناس ليسوا كمثل أهل قريته الصغيره .. أمسك بإحداهن .. " إنتِ .. " التفت إليه تلك الفتاة " إيه ده عاوز ايه يا ولد " رد بسؤاله الذي جاء من أجله " هو قصر عيني فين " .. تبسمت وكتمت صحكتها " قصر عينك مين يا قطقوط " بلهجة مختنقة " قصر عيني الي عمتي تعبانة فيه " فهمت مراده وعرفت أنه يريد مستشفى القصر العيني .. " معرش والله يا حبيبي أنا كمان مش من هنا .. خد المصاصة دي واستنى ماما هنا متمشيش " تركته ورحلت عنه .

فكر قليلا .. " مفيش غير اني ارجع تاني " .. كان عقله الصغير قد ارشده إلى ألا يترك مكانا يسير فيه دون علامة تدله عليه إن شاء الرجوع .. هنا علامات بلغته الصغيرة وعلى ذلك السور طبعات يده التي شربت ترابا وغبرة .. جعل ينظر كل ما وقعت عينه عليه وهو آت حتى قضى عائدا في سلام إلى محطة قطار مصر .. هذه المرة لم يستطع الولوج إلى القطار .. وقف محتارا .. هيئته توحي لمن تقع عينه عليه كأنه من أطفال الشوارع .. مر أحدهم فسقطت عينه عليه .. وضع في يده قرشا وذاك قرشين .. أعجه الحال .. راح إلى "شباك التذاكر " وسأل الرجل " عمو عاوز أروح أشمون أديك كام " فرد له بكذا .. عاد إلى مكانه و اتكأ على إحدى سواري المحطة وظل الرائح والآت يضع في يده ما تجود به نفسه حتى انتهى أخيرا غلى ثمن التذكرة وقروشا أخرى يجلب بها بعضا من الحلوى فقد أنهكه التعب وأضناه .. اشترى حلواه وركب القطار .. لم يجد مقعدا خاليا .. جلس أرضا وهم أحدهم بوضع شيء في يده فصرخ في وجهه " أنا مش بشحت شوف معايا كام " ضحك الجالسون من صوته الصغير .. كان " الكومسري" يتحاشاه ظنا من هيئته ألا يستطيع دفع قرش .. قام إليه " إنت أخدت من الناس كلها وأنا لأ ليه .. " بلهجة مختنقة وروح تشعر بالإهانة " خد دول كلهم " وقفل القطار عائدا به إلى قريته "أشمون " .

وصل القطار بعد أن مضى من الليل أكثره .. نزل الصبي بهيئته تلك ليجد من يعرف ومن لا يعرف متجمهرين في المحطة وكأنما القرية كلها نقلت معيشتها هنا .. ما إن شقطت عبن أحدهم عليه حتى تجمع الكل .." كنت فين يا ابن الـ .." رآه أبوه وكان قد عاد قبله بساعات قليلة فغادر إلى البيت ينتظره .. أخذته أمه من يده تجره وتسيمه سبا وتخويفا من أبيه ، في طريقهم رأته تلك الصبية التي دائما يفضل السير معها عن اللعب مع رفاقه لمح بعينها دمعات وبصوت خافت تهمس له " أنا خايفه عليك من باباك ..عملت كده ليه " لم يرد لها كلاما واستمرت أمه في اقتياده ، دخل من الباب ليرى والده يلف في صحن الدار ينتظر طلته .. ما إن رآه حتى فتح له أحضانه .. جرى الصبي هربا من يد أمه إلى أحضان والده الذي رسم قبلة على جبهته الغارقة في تراب مصر .. " هأخدك لعمتك والله بس متملهاش تاني ".

رابط التعليقات أسفل عنوان البوست أو من هنا

اسقيني خمرا .. وأحبيني

أقسم أيها الحزن أني لم أسلمك قلبي .. يا لك من شقي قاسِ .. رفقا بحالي

كم أشتاق أن أغسل قلبي بماء النيل ..لكن هل ستمحو عذوبته التي عكرها الزمن ما بي من كدر

صراع بين إحساسي بالرغبة والواقع الذي يأباها علي .. حاولت كثيرا لكنه يأبى

آه ٍ منك أيتها الأيام .. آهٍ منك يا سيف العذاب .. أما وجدت قلبا تسيمه جراحا إلاي أنا ؟

كنت بالأمس أبكي قلمي .. اليوم أبكيك يا قلبي بقلمي .. فابكِ على حالك معي

يتملكني القلق ويسكنني الخوف سكونا دائما وكأنه أخذ حكما قضائيا بأن روحي مسكنه دون أن يدفع قرشا

أسياط الذل تنهال بشراسة على تلك العضلة المسكينة التي سماها الله قلبا .. حقا هي قلب .. ماعدت افقه له ثبوتا على شيئ سوى أنه مؤمن دائما أن ربي الله

أسير برفقة النيل .. أرى هذا وهذه .. تلك وذاك .. فلانة وعلان ممن أعرف وما لا أعرف .. تتكئ على كتفه .. يمسك يدها فتتوه في كفه وتذوب رقة .. أسمع همسه لها .. ضحكتها له .. أكمل سيري وبراكين العذاب تنفجر في قلبي .. أو ليس من حقك أيها القلب أن تنعم يوما ككل هذه القلوب ..

اعترف أيها النبض أنك لم تستطع أن تبهرها .. لم تسمعها صوتك .. لم تشعرها بقوتك .. آثرت الإختناق .. ولكن حتى متى ؟ حتى تبيت ليلك وحيدا تعتصر هما وتكابد الحزن .. ألست تهمس لي كل حين بعشقك الخرافي لها .. تقدم .. أرني ما ستفعل .. دائما ما أتفق معك وتخون عند اللقاء .. تقسوا علي وتكتم بوحك عنها ..

ليت الزمن يعود بأدراجه إلى الوراء سنواتٍ طويلة .. لأعود إلى رحم أمي وأولد من جديد .. ولادة بحق .. أعيد الطفولة وزمنها .. راحة البال وهناءه ..

يا سيد القلوب يا الله .. رحمتك أرجو .. إن خانني لساني فأنت نصيري .. إن ضعفت همتي فأنت قوتي .. إن أشقاني قلبي فأنت ربه .. أعلم بما يصلحه ويحميه ..

أيتها الحياة التي أغرقتني في بحور وجعها وسقتني منها خمر الأنثى فاستعذبته .. زيديني من معين خمرك واسقيني أكثر .. واسقيها كما سقيتيني و مثلما سأحتسي .. أريد أن أغيب عن الدنيا فيها وتغيب عن العالم كله فيّ .. أَسكنِيني بدار قلبها أبدا وأسدلي ستارك علينا ..

يا كل قطعة ركبت في كياني .. سأحبها أكثر .. سأصارع حتى أحتلها أكثر ولن يهزمني نبضي الذي تعلم الخيانة والجبن .. سأجعل منها ملكة على عرشه وسأحيله خادما بين يديها ..

أعلنها لك ِ حبيبتي .. أعترف وأقر وأصر .. أحبكِ .. اليوم وغدا ولاحقا .. لن يفلح الزمان فيما أفلح فيه قديما ، لأن عهد الخوف قد مضى .. احتليني كما شئتي فيوما ما لن أطالب بالإستقلال ولا حتى حل الدولتين .. سأكون عاصمة العشق لمملكتك .. سأظل دوما أحبك ِ .

رابط التعليقات أسفل عنوان البوست أو من هنا

أبكيـكمـا

" أنت حتما تعرف " .. سمعتها وتوقفت عن النطق .. أحقا ما أسمعه أم أنه وهم و ضرب من ضروب الخيال .. واحر روحي مما ألم بها من وجع .. أَيُسام القلب العاشق عذابا ويوصم القلم الذي يستقي حروفه من نبض الهوى بأبشع الصفات .. أيكون قلبي الذي يسكن ذاتي التي تقدر الأنثى وتجلها قلبا فاسدا خاليا لا يملأه إلا الوهم والمساخر كما قالت تلك .. أو أكون أنا ذلك الذي قيل فيه إذا لم تستح فافعل ما شئت كما قالت ذات التي رمتني بلفظ أحرقني وأبكى قلبي ..

ويحك أيها القلم .. أموت ولا ينضب حبرك ، ويحك أيها القلب .. أذوب عشقا ولا يداس حماك بأذى .. كلاكما أسير لصاحبه .. اطمئنا فلن أستطيع فصل روحي عنكما مهما قال اللائمون ووشى الحساد بكما .

ما كدت أرتاح من سياط كلمات تلك حتى وقعت في شراكٍ أخرى قاسية .. ساعات تمنيت ألا تمر علي وفيّ نبض حياة .. خشيت من لحظة المصارحة .. لا أحتمل رؤيتها تزهد في حروفٍ كانت يوما تنتظرها حينا بعد حين .. أصبحت كسَجِين الوهم ضعيف البنية .. لا أعرف لم حدث هذا وكيف ؟

سأترك لكم أنتم الحكم على نبض قلبي وحروف قلمي .. بكل وضوح وصراحة .. كيف ترون ما أبثه هنا بين طيات هذه الصفحات .. من شاء أن يتكلم بشيء فلا يداري وإن أخفى هويته .. أريدها مساحة بوح وصدق .. اُصدقوني رجاءً .. وحتى أقرأ حديثكم هنا سأظل أبكيك يا قلمي وليبكيك معي قلبي .

رابط التعليقات أسفل عنوان البوست أو من هنا

في بئر أنثى

ربما لم تر عينه أو يشعر قلبه بأكثر منها أنوثة وأرق طباعا .. لكن قسمتهما أن تنبش الأيام بينهما قليلا وقليلا حتى أضحى القليل كثير وصار النبش حفرا .. وفجأة تضخمت الفجوة أكثر .. وقررت الشمس أن تتخلى عن مهمتها لتترك القمر مظلما .. فما عاد يجدي الإنتظار ولابد آت فراقهما .. تركته يومها وعادت يعصر الألم قلبها ويقتله الشوق إليها .. طالما كانت له أنا .. لكنها اليوم ومع عشقها الجنوني به تسقط كما سقط هو ضحية تلك الفجوة .. لتبتعد أنا عن هو .

لابد أن يجد حلا .. حاول كثيرا مرة وعشرة ..لكنها قررت ألا تكون هي الأنا له أبدا .. شعور مليء بالقسوة والمرارة أن يقطع شريان القلب وهو ما زال حيا .. أن يحرم النبض وما زالت به روح .. ألم قاتل تصنعه لا مع إمكانية كونها نعم ..

قرر الرحيل بعيدا عن مدينتها وإن كانت هي مدينته .. ربما تفصله أجواء المكان عنها .. دون تفكير غادر ذلك المكان الذي شهد لحظة الوداع الأخير إلى محطة الحافلات .. أخذ التذكرة وصعد الحافلة .. كان رقم المقعد (46) لكنه لم يكن خاليا .. استأذن ممن كان يجلس فيه .. وأخذ مكانه وانطلقت الحافلة .. على يمينه كان القمر متربعا على عرشه وليست فتاة كبقية الفتيات .. مع أول نظرة لها ارتسمت معالم أناه عليها فأصبح يراها فيها .. ياويح قلبك ..تركتها هناك لتراها هنا على وجه هذه التي تستقي الأنوثة من نبع جمالها .. تتكئ على يدها اليمنى .. وجهها الصبوح باد له .. كانت ممتلأة قليلا .. لكنه لم يكن الأمر الذي يسيئ لجمالها بل كان تدعيما لكيان الجمال فيها .

رفيقتاها تجلسان في المقعدين أمامه .. تستلم منهما بيدها وتنبسط كفها .. تنطق الشفتين أو قل الجوهرتين .. ثم تتناول قنينة المياه لتشرب ويُحال الماء من خلف فيها رحيقا تمنى لو يستقيه بعدما تركت تلك القنينة .. بقي على حالته هذه طيلة طريق السفر .. بين حيرته في رؤية أناه بين قسمات ذلك الكيان الرقيق المجاور له وبين قنينة العسل الذي فكر كثيرا في حيل الدنيا ليحصل عليها وما استطاع ..

احدى رفيقتيها كانت نموذجا مصغرا منها .. الفرق أنها لا ترتدي حجابا الأمر الذي أظهر لعينه جمالها أكثر وأكثر .. راحت نفسه تحاكيه " ويحك أيها القلب .. كيف سقطت في بئر العسل .. لا يفصلك عن مرارة الفراق ولوعة الإشتياق إلا عطر هذه ورحيق تلك .. حسنها وقليله يذيبك .. شعرها الذي طالما تمنيت أن يصطدم بوجهك وكثيرا ما اقتربت ليحدث وما حدث .. كأنه حقك يا أنا الذي أجبرتني نفسي على الجور عليه تستخلصه الأقدار من قلبي الآن شيئا فشيئ " .. ليته ترك المقعد لمن كان عليه وجلس بعيدا .

كان قد قرر في نفسه أن يترك الحافلة عند آخر محطاتها .. مع أول محطة في مدخل القاهرة نزل راحلا .. قلبه يأبى الخروج من بين خلايا العسل و نفسه لا تطاوعه لكنه غلبهما وراح يجوب شوارع القاهرة .. في كل أنثى يراها .. أنا وأنا وأنا .. كاد الجنون يدمر هيكل عقله .. أَخَلت مصر من رجالها أم أن عينه لم تعد تبصر إلا أنا .. في كل مكان وإن كانت أنهت كل ما كان تماما .. صاحبنا وحبه لأناه لا يفارقه أبدا .. حتى ولو وصل إلى أعماق الصعيد هربا من قسوة الألم .. ستبقى معه .. قد قطعت عهدا على روحها أن تظل معه مهما كان .. وستبقى متلبسة به طيلة حياته .. لتكون أنثى حياته هي فقط ..

رابط التعليقات أسفل عنوان البوست أو من هنا

 
') }else{document.write('') } }