هناك وعلى مقربة من المسجد الأموي..وجدت البهجة مسكنا لها في إحدى الدور الدمشقية العتيقة,.. وما ذلك إلا لقدوم مولود جديد..جعل الفرحة ترقص بين جنبات الدار..وترفرف على سطحه وتغمر أهله..إنه ذاك الضيف الصغير الذي انتظره أبواه زمنا طوبلا بعد تسع فتيات..لكن القدر لم يمهل أباه إلا شيئا يسيرا ..فقد حملت أمه به..ثم سبق على أبيه القدر فأصبح من سكان القبور..
تلك فرحة خالطها شيئ من الحزن القليل لذكرى والده الذي تمناه..لطالما حلم به وتخيل أنه يضمه لصدره ..
هو وحيد لأمه على تسع فتيات..كادت شدة الفرحة تنسيهم حياتهم ومآسيها..هي عائلة ثرية جدا ... ثروتها الفقر المتقع الذي يظهر جليا في تلك الدويرة الصغيرة التي يسكنون..
أسموه إياس..كما أراد والده..لأنه كاد أن ييأس أن يكون له ولد من صلبه..
وكان من شدة فرحة أمه أن أقسمت يمينا ونذرت نذرا أن تقيم له حفل سابعه بصورة لم ير أحد مثلها في حيهم هذا المتواضع جدا.. سألتها بناتها..من أين يا أمي.. فقالت :من عند الله..
بدأت معركة الأم وبناتها التسع مع الأيام الست المتبقية.. حتى تنجز أمه ما نذرته..
حالة أمه لا تسمح بالحركة فما زالت جليسة الفراس ..ُم أنه في حاجتها دائما..
كان الحل واحدا أمام البنات التسع..أن يعملن أي شيئ قبل انتهاء الأيام الستة..
..ثلاثة منهن لم يعدن الدار أربعة ليال..كن يعملن بخدمة ديار أخرى .. واثنتان بقيتا مع أمهما يلبون طلباتها وطلبات إياس.. والأربعة الباقون كل منهن عملت عملا..
وعلم أهل الحي بدعوة أم إياس لهم جميعا إلى وليمة السابع التي ستقام لإياس بعد صلاة الجمعة مباشرة..
ضاق الوقت..ولم بكن ما جاءت به الفتيات كافيا لذبح شاتين أو حتى واحدة..ولا لمشروبات الضيافة أو ترويق الدار..
كانت الفتيات في حيرة.. قسموا العمل بينهن..أحداهن تكفلت بشراء بعض حاجيات الضيافة اللازمة بشيئ من تلك القروش القليلة..
..وأخرى اقترحت على أمها شراء شيئ من اللحم ..وتأجيل دفع ثمنه من اللحام أبو صابر ..لإهو جارهم منذ ومن بعيد ولن يمانع..لكن لم يجد الإقتراح جدواه عند الأم..
..أليوم السادس لميلاد إياس.. وصباح اليوم التالي..يوم الجمعة وميعاد الوليمة..
غفلت الأم عصرا في نومة خفيفة..ُم صحت متفائلة جدا..وقالت لهن ..والله لن يخزيني الله أبدا..وسترون..ستكفي قروشنا وتزيد..
تعجبت الفتيات ..لأكن سكتن..
وبعد عشاء تلك الليلة..طرق الباب طارق..من ؟ لا مجيب؟ من ؟لا مجيب.. لم تفتح احداهن الباب خشية ذاك الطارق الذي لا يرد..وبعد مدة ..عاد الباب مرة أخرة فطرق..
من..؟ هذه المرة(أنا جارتكم أم وليد..) ..فتحت إحداهن الباب ..أهلا عمتي تفضلي... لا شكرا كنت عائدة من زيارة فوجدت هذه الأكياس وتلك الحاجيات امام داركم ..فقلت ربما لم تفطنوا لها ..فنهتكم..
تعجبت الفتة ..حاجيات ناذا..ولم ..لنا نحن؟من أين..عموما شكرا عمتي..تصبحين على خير..
أخذت الفتاة تلك الحاجيات,,دخلت بها لأمها تحكي لها..فقالت لها..هذا هو طارق الباب الذي لم يرد يا بنيتي..
ولكن أمي..لم ومن هو؟ انظري ليست فقط حاجبات هناك مظروف أيضا..سأفتحه..
لا تتعبي نفسك..ذاك مبلغ مالي..
ذهلت الفتيات وبصوت واحد..طلبت شيئا من أحد يا أمي.. استدنتي نقصد..
طلبت نعم..لكنني لم أستدن..إن ذاك الطارق من عند الله..طارق خير يسره الله لنا..
وكما رأيت تماما ..كل هذه الحاجيات أعرف أنها ستأتي..
اذهبن فرتبنها ..واعملن ليلتكن في تأهيب المنزل..وغدا صباحا..سيأتيكن اللحام بالشاتين مطبوختين.. انصرفن..
انصرفت الفتيات وما يعلمن كيف حدث هذا ؟ ولسان الأم لم يسكت عن حمد الله وشكره..
6 التعليقات:
ذكرتني بالقصص القديمة الي كنا بنأخذ منها العبرة
الرزق بيد الله وحدة , فهو الذي يرزق الطير في عشه , سبحان الله
القصة جميلة جداً , ولي ملحوظة صغيرة فقط تصحيح "الفقر المتقع" الي "الفقر المدقع" انا عارفة انها خطأ املائي غير مقصود.
يااااااااه يا هيما ...
الدنيـا بتجري أيها "الكاتب المصري"، و الظاهر إن أخو الوز عوام برضووو ، يعني لولا الـ "ستايل" العدوي، و الصورة (من زمااااااان ماشفتكاش) وج أصلاً إنك كاتب إبراهيم العدوي ، كنتش عرفتك ، يالل بقى شد حيلك كدهخ وركز بدنا ننشر لك قريب
ومبروووك اقتحامك عالم التدوين
.
.
وابقى عدي يا عم
السلام عليكم
اسلوب رائع
لست مع الاب الذى يتمنى الولد ولست مع هذه العادة المستفزة
الرزق يأتى من عند الله
حقيقة لا تنكر مهما فعلنا
ومهما قتلنا الجشع
خالص تحياتى
هانى يس
اليقين
ٌاقمة علاقة تتسم بالثقة بينك وبين الله
تضمن لك الستر
رائع اسلوبك وحلوة القصة
تسلم:)
تحية خالصة لأول لقاء بيني وبين مدونتك وأشعر أنها ستتحول لمعاهدة دائمة ...
اسمح لي أن أجول بين كلمات مدونتك التي أشعر أني سأجد فيها المتعة الكاملة وسأعود مرة أخري للتعليق بإذن المولى ...
تحياتي الخالصة
كم أنا سعيدة لاكتشافي صفحتك المميزة تلك
:)
اسلوبك مختلف وكلماتك لها وقع مميز
تحياتي
إرسال تعليق