رحلة الليل..

(1)

جاء في حكاوى الزمان وأخبار أهل الشام ..قالوا:

حدثنا عبيد بن دريد قال:كنت سائرا في أرض الشام فوجدت فارسا يمسك جواده من اللجام,عليه علامات عجيبة كأنه من أرض غريبة,يرتدي لباسا عربي.وعلى رقبته شال قطني..

يجول بفرسه في المكان لا يدري أين تنزل قوافل الركبان.. ظل هكذا برهة وظلت عينايا معلقة به..

ولما انتبه إلي نظر إلي نظرة..واقترب مني خطوة فعلمت أنه أراد سؤالي..فسرت نحوه علّي أنفعه.,أو أجيبه عن أي شيئ يجهله..فلما وصلت عنده ,ترك لجام فرسه ونزل من عليه..فسلم وسلمت ورحب ورحبت.. ثم قلت له:أراك تائها ياأخي ..هل من خدمة أقدمها؟ فسكت وما تكلم ..فأعدت عليه وزدت..من الرجل ومن أين؟

فقال "أنا بن الحارث المهدي,سيد قومي ,الأمر فيهم إليّ , أرسلت رجالي إلى الشام,كي يسوقوا قافلة إليّ , لكنهم أطالوا المقام وكأنما أعجبنهك الشام..

فقلقت لأمرهم وسألت عن حالهم...فحدثني الناس ومن خوفي زادوا.. فحاولت تكذيب مقالهم وقلت إشاعات وخرافات..

لكن نفسي عارضتني..أشعرتني بخوف غير معهود..فبت ليالي أنتظر فلما طالت المدة نويت الرحيل..

أخبروني أن من الطريق ضاع الأمان,وربما يكون رجالي خانهم الزمان..وحاولو معي أن أعزف..

لكنني ما صدّقت الخبر وودعت أهل الدار..وأخذت راحلتي وفرسي.وبه صرت أقطع المسافات الطوال..وفي بعض الطريق..نزلت لأقضي حاجة فرأيت نارا موقدة.فتذكرت كرم حاتم,فقلت إني إليها ذاهب..علي أجد قوما ذو ضيافة..وإن كان غير ذلك ..فسيفي وقلبي جلد قوي..

فلما وصلت إلى النار لم أجد عندها أحدا ففزعت ثم هممت بالرحيل..عندها ترآى لي رجل ضخم..فقرع الخوف أبواب قلبي بشدة ورفعت سيفي لأبطش به ..لكن يدي وقفت وتملك الرعب جوانبي .. أيقنت عندها أن العرب لم تنجب جبانا مثلي..وأدرت واجهة الخيل وصرت أجري به لاأعرف كيف ولا إلى أين؟

وفجأة توقف عن الركض وصرت أضربه لكنه يأبى.. وأحاول السير به لكنه لوى..سمعت حينها صوتا يريع الآمن في داره..رجف قلبي و اهتززت..وأدركت أنها نهاية العيش..وندمت أن لم أصطحب أحدا يؤنسني..وبينما أنا كذلك ظهر لي ذاك الضخم مرة أخرى,وبدأ يتكلم..من أنت ومن أين ..لقد اقتحمت ديارنا وروعت أمننا.....

أقسمت حينها أنه جني.. وعلمت مآل رجالي..

ثم من غمد السيف أطلقه..وفي وجهي أشهره.. قال لي: ما معك آخذه آخذه..لكن بعد أن أريق دمك.. و أجعل في الطريق عبرة عندما أقطع رأسك.. فقلت له.. وماتستفيد من هذا؟ خذ ما معي واتركني أرحل..

أخرج عندها صوتا قط لم أسمعه..

(2)

قلت له.. أنت قاتلي وأنا لن أعارضك.. ولكن دعني أصلي ركعتين اثنين .. فتعجب لكنه لم يرفض..

وكنت على غير وضوء.. خشيت أن لا تجدي ويزداد الأمر سوء .. لكنني كبرت وصليت.. خففت القيلم والركوع .. وأطلت في سجدة النهاية.. دعوت ودعوت .. وقبل أن أرفع من السجود رأسي .. أو حتى أحرك ظهري.. سمعت صوتا عاليا..كأن الأرض تهتز أو أن جبلا مشى سائرا..

قمت من سجودي وأنهيت صلاتي.. فوجدته ما زال واقفا .. سألني أنتهيت.. قلت .. نعم.. ولكن..

فقاطعني..دون لكن ..همذا اتفقنا وها قد جاء وقت الإتفاق يا رجل.. وأشهر سيفه .. وهم أن يضرب به عنقي..

كنت في حال الله أعلم بها.. أتخيل رأسي يطير..أتخيل أن سيفه يكسر.. وانا أقول في نفسي يارب بارب..

علق سيفه في الهواء.. يبست يداه.. قليل من الوقت ورأيت ذاك الفارس المغوار.. يقبل من بعيد بعزم وقوة وإصرار... وصل إلينا.. نزل من على صهوة خيله..أمسك بسيف ذاك الذي نوى قتلي.. وقتله به.. رأيت عندها عجبا.. لم يخرج منه قطرة دم واحدة..

ثم نظر فيما أخذ مني ذاك الوحش.. أعاده لي فأوفاه ..كل ذلك ولم يتكلم.. فسألت من الرجل.. قال هذه لا تسأل عنها.. فسكت قليلا ثم قلت وكيف علمت عني.. فقال هذه أيضا لا تسأل عنها.. فأعقبت ذلك سؤال.. ألك مع تار مع ذاك الرجل..؟ فما تكلم..

ظل مرافقا لي حتى أبواب الشام.. نزلت ألملم رحالي أقيل ساعة.. صحوت من نومتي فلم أجده.. بحثت عنه ولكن لم أعتر عليه..

دخلت دياركم وأخذت أبحث عن معونة من أحدكم.. فوقت أنت لي.. فجزاك الله الخير عني..وأبعد الأذى عنك إن أنت أخذتني وإلى دارت أوصلتني..وبكرمك ضيفتني.. ثم تركتني ..تركتني داع لك بكل خير..

ما هذه عاد أهل الشام..كرم وضيافة.. واحدة تكفي.. فقال له ..على الرحب والسعة يا أخ العرب تفضل معي البيت من هنا..

اصطحبه حتى وصل الدار..وأدخله غرفة الضيافة..استأذن منه أن يذهب لأهله لبعض شأنه ويعود حالا.. فقال له أنتظرك أيها الكريم..

بقي الرجل ينتظر وينتظر..زطالت المدة.. فعلم أنه لن يعود.. فقا يبحث في البيت خلسة.. فلم يجد أحدا..

, فخرج الضيف إلى السوق, واشترى ما يحتاج إليه من طعام, وبعد أن عاد إلى البيت وكتب لذاك الذي أوهمه أنه حاتم في كرمه.. يقول:‏ يا أيها الخارج من بيته‏ وهارباً من شدة الخوف‏ ضيفك قد جاء بزاد له‏ فارجع وكن ضيفاً على الضيف‏

ثم ترك المنزل ومضى في طريقه..

تمت

26 التعليقات:

حاول تفتكرنى يقول...

من الواضح أننا أمام شىء مختلف
دعينى أحيك أولا على روح هذه المدونة ، وطابعها
اشعر أني دخلت مكان ذو قيمة

دعنى أكتشفه


تحياتي

غير معرف يقول...

واجمل مافى القصة تسلسلها مدونة حية ..فلكم دخلت مدونات لا اشعر فيها بروح وحماس صاحبها حقا..الى الامام وننتظرتكملة القصة وايضا يوميات شاب بالجامعة..واتمنى زيارتكم لمدونتى المتواضعة..ولكن للاسف لا اردى ما سبب عدم ظهور كلمة أضف عليق بها؟؟من يعرف السبب يرشدنى فهى فى مكتوب..واسف لطرح هالنقطة هنا

شهرزاد يقول...

قصة جديدة..
وألمح فيها نوعا مختلفا عن كتاباتك السابقة
وكأنها قصة تاريخية
بانتظار التتمة

Unknown يقول...

تحيتي لك بنت سيناء..
أشكرك على هذه الكلمات وأتمنى أن تستمري معي..
لا أعرف لم لا يظهر التعليق عندك ولكن أنصحك بنقل مدونتك لبلوجر فهذا أجمل
تحيتي لك..

سنووايت يقول...

ذكرتني بأدب المُعلقات

مفراداتك هنا مختلفة عن اللقصص السابقة
سعيدة بروح التغيير والاختلاف هنا
في انتظار التكملة

حنين.. يقول...

فيها تغيير....... وانا احييك , وربنا يبارك فيك وفى كتاباتك....... تقبل مرورى

zOzO يقول...

حلوه القصده دي تسلم ايديك

مدونتك حلوه

اسعدتني كتير بمروك عندي

واحنا علي فكره بلديات

انا من المنصوره

اه كمان ف لقاء مدونيين المنصوره ان شاء الله يوم 30-7
يوم الاتنين الجاي يعني
حضرتك بقي تعرف التفاصيل من ايمن بدر
اوكي

تحياتي ليك

RaRa يقول...

مساء الخير
جميلة أوى القصة ومختلفة عن القصص الاخرى
اجمل حاجة لما تنوع فى كتاباتك تعطى جمال اكثر فى المدونة

وفقك الله دائما

همـ القلم ـس يقول...

تسجيل حضور ومتابعه ..

دمت بخير ..

Noor يقول...

وصلت هنــا

وها أنا اسجل حضوري

واشكر دعوتك لي الأكتشف المزيد الجميل في هذا العالم ..

انتظر بقية الحكايه..

دمتـِ بخيـر
:)

اللهو الخفى يقول...

جعلتنا نظمأ وتركتنا دون ان تروينا
هذا شعوري
ولكننا علي يقين انك ستروي ظمأنا من سلسبيل رواياتك

محمد حلمي مخلوف يقول...

اكيد هاقرا وارد عليك انا سجلت حضور بس وهارد بعد القراءة
اخبرني ما رأيك في الفصل الاول من رواية المدينة التائهة

ام الحفيز يقول...

ياسلام عليك... امتعة الفكر واكحلة عيون من تصفح مدونتك....

محمد حلمي مخلوف يقول...

عذرا ولكن اخبرني هل قلمك هو الذي خط هذه الكلمات
شكرا

محمد حلمي مخلوف يقول...

اكيد عجبتني عندك قدرة علي السرد وتملك ادوات كتابة القصة والرواية
ولكن
ما اقرأه ينتمي لفن المقامات وهذا الفن قديم جدا لماذا لا توظف قدراتك وتكتب باساليب حديثة لا تدفن نفسك وسط هذا الركام
اخيرا
انت لست بمصلح اجتماعي او داعية اخي دع المتلقي يستنبط الدلالة من واقعه وثقافته ولا تفرضها عليه يجب الا تحمل القصة او الرواية الطابع التعليمي اكتب احداث وصف مشاعر وكن محايدا لا تاخذ جانب اي من شخصياتك في قولك ما معناه تعالي كن ضيفا علي ضيفك جر المقامة لهذه المسألة
تقبل مروري ورأيي اخي اتمني ان اري جديدك

كلام وخلاص يقول...

عندك قدرة جميلة اوى على الحكى الاهم ان دايما بيكون لقصتك هدف مباشر اسلوبك الادبى كلاسيك جدا من زمان ما شفتش حد من جيلنا بيكتب كده
الواقعية الصريحة فى كتير من قصصك عجبتنى اوى عن نفسى بحس ان الواقعية والادب الساخر اكتر فرعين صعب الكتابة فيهم
شكرا على رأيك فى مدونتى

Unknown يقول...

كأني مستغرب
ههههههههه


ازيك يا عمنا الكاتب

بسم الله ماشاء الله

انت محتاج رأيي انا ولمسساتي في مدونتك

بسم الله ماشاء الله مدونتك (كأنها اجمل مدونه) بجد جميله وربنا ياركلك وموضوعك الاخير جميل

ربنا يوفقك

اخوك برقش الجن

Unknown يقول...

قصة جميلة جدا احييك عليها بس الى استغربتة نهايتها الغير متوقعة فعلا

hager يقول...

بسم الله ما شاء الله
المدونه اكتر من رااائعه
و القصه غاايه في الروعه والاسلوب جميل جداا
الي الامام داائماا

تقبل مرورري

spower يقول...

علي فكرة يا مان انا
مااااااااااااااااان

وبعدين هما بيقولوا معرفة الرجال كنوز
وتعرف راجل تعيش راجل وتموت راجل

تحياتي

shaimaa elgarhy يقول...

كأنى مش عارفه أقول ايه بصراحه على المدونه اللى كأنها رائعه دى

وعلى موهبه صاحبها اللى كأنه كاتب مصرى متميز

بجد بجد بقه مش كأن ....مدونه مميزة جداً وتتدل على صاحبهاالمميز...

لك خالص تحياتى وتقديرى

دمت أخى بكل خير

shaimaa elgarhy يقول...

كأنى مش عارفه أقول ايه بصراحه على المدونه اللى كأنها رائعه دى

وعلى موهبه صاحبها اللى كأنه كاتب مصرى متميز

بجد بجد بقه مش كأن ....مدونه مميزة جداً وتتدل على صاحبهاالمميز...

لك خالص تحياتى وتقديرى

دمت أخى بكل خير

maha zein يقول...

أيه ده هي القصة من تأليفك بجد ولا ايه
والله افتكرتها قصة حقيقية من ايام الرسول او الصحابة
ده بجد ده ولا ايه
ده لو كده بجد أحيك أحييك جدا وبشدة والله بجد
لانى فعلا ظنيت انها بجد وان فيها معجزة إلهية وكنت متشوقة اعرف النهاية
بجد اكثر من رائع اسلوبك
تحياتى ليك
واشكرك علي دعوتك الرائعة

Unknown يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله الله الله
وكانما سحر وروعة الف ليلة وليلة حين ما كنا صغار تُقص علينا مرة اخرى ولكن هذه المرة نحن واعيين تمامآ انها قصة ولكنها قصة جميلة صيغت بفن وذوق شديدين تأخذ بالالباب مثل ما كانت الف ليلة وليلة تفعل بنا.
احتراماتى وفى انتظار المزيد.

غير معرف يقول...

أيامنا في الدنيا قصيرة لذلك لابد أن نشعر في كل لحظة أننا قد قدمنا عملا نافعا يرضي الله ويثقل الميزان
نسأل الله حسن الخاتمة

Aиgel يقول...

كاتب مصري ...

إبداع ماعادت تحتويه هذه الكلمة ..

هنا دائما على باب صفحاتك تجف الأقلام خجلا ..

فأي كلمات تلك التي تفي حق هذه الروعة ..

لا عدمناك ..

وأسجل إعجابي اللا محدود برائعتك الساحرة ..

ولك مني ارق تحية ..

Angel Love

 
') }else{document.write('') } }