دمعات في عين بريئة

لا يحق لأي إنسان أن يغيب عن أحبابه مهما كان..إلا في ظروف قهرية تمنعه عنهم..هذا ما أقوله أنا دوما وهذا ما أقتنع به تماما وأؤمن به.. لذلك لن أبتعد عنكم أبدا مهما كان فأنتم أهلي وخاصتي الذين منحوني الثقة في النفس بدرجة عالية..أنتم من جعلني أبقي هذه المدونة على قيد الحياة واساعدها كي تلد وليدتاها أوراق وأسرار ومقهى الثرثرة..وإ كانتا لا ترقيان لمستواها أبدا..

جئت اليوم أخبركم بأمر أسعدني كثيرا لكنه جعل الحزن يدب كذلك في قلبي ويأكل في أحشائي.. سأعود إلى حيث كنت قبل احد عشر شهرا..إلى المدينة المنورة ..إلى أرض الحجاز المباركة الطيبة.. إلى الأرض التي تحتضن في ثراها خير خلق الله ونور الرسالة والهداية.. لكن الذي جعل الحزن يضاجعني هو فراقي لأصدقائي وزملائي في الدراسة أو في الحي ..لكن في التدوين لن يحدث هذا أبدا..لماذا ؟ لأني سأتابع هذه المدونة ومدوناتكم حيث أكون متواجدا وسأوافيكم بموضوعات وقصص من إنتاجي بإستمرار ..لن أطيل في هذه الرحلة..ربما تكون المرة الأخيرة التي أذهب فيها إلى هناك..أخبرتني أمي أن أبي سينهي إقامتي هذه المرة خوفا من بضعة أمور ومشكلات .. لذلك سأعوا لكم جميعا..لكل من أعرف منكم ومن لا أعرف.. سأدعوا لمن أتذكره باسمه أو بكنيته المستعاره..صاحبة مدونة أليس في بلادي العجائب.. لن أنساكي من الدعاء بكثرة أن يفرج الله همك ويشفي لك سيفا العزيز على قلبك..لا أريد أن أذكر اسماء بعينها كي لا أنسى أحد لكن هذه التي ذكرت قد وعدتها بهذا وها أنذا سأوفي بوعدي..

دعواتكم ودائما سأكون معكم على تواصل.. بكل دمعات بريئة أقول لك يا مصر سأحن لأرضك وترابك..لنيلك وهوائك..لأهلك وناسك..ليس لأن هذا كله على خير حال ..ولكن لأنني عشقته وتعودته دون أن أشعر بنفسي... لكن أرض المدينة خير أرض داستها قدم الحبيب المصطفى..سأدعوا الله لك يامصر وانا متعلق بأستار الكعبة في مكة..عل الله يفرج عنك الكروب ويوسع لأهلك معايشهم ويعود زمن عمرو بن العاص وحكمه إليك.. أستودعكم الله

بين أحضانك يا بحر..

همسات الحياة تختطف قلبي ..تريد أن ترحل به بين متاهات الدنيا وتلفه بمتاعبها.. أبصرت نفسي الآن بعد مضي زمن طويل .. ناجيت البحر في سكون سألته كيف يرى حالي وقد أغرقت نفسي بين أحضانه..جلست على الشاطئ أنظر أمواج البحر الخفيفة تارة والعالية تارة أخرى..تقترب الموجة مني تداعبني ثم تهرب..كأنها تدعوني للمرح معها..لم أستطع أن أتمالك نفسي..فحب البحر في أعماقي..منظره الساحر أخذ بمجامعي ..لم أكن يومها قد حسبت حسابا لهذا..فقد كانت جلسة للتأمل والسفر مع أحلام القلب لما وراء البحر.. بحثت عن أحدهم ممن يبيعون لباس البحر..سرت على الرمال الساخنة حافي القدم مهرولا أبحث كمن يبحث عن طفل ضاع له..وجدت ضالتي وعدت سريعا..تخلصت من قيود ملابسي المعتادة .. لم يعد على جسدي سوى ذاك (الشورت القصير) واقتربت منك يا بحر.. راحت قدمي تخو تلك الخطوات الاولى لتنزل إليه..هي المرة الأولى التي يلمس جسدي ماء البحر في حياتي كلها.. لم أكن اشعر قبل ذلك بحبه بل كنت أخشاه وأخافه جدا.. لكنها الصلابة والحاجة التي جذبتني إليه.. أردت أن أشعر أني أنعم داخل أحضان..أي أحضان المهم أن أرى من يحتضني لأبث له همي وألمي..شكوت إليه وبحت له بمكنوني وأنا أعد خطواتي داخله..حتى صرت بين أحضانه فعلا لا أرى من جسدي شيئا ..فلم يعد غير رأسي في الهواء فقط .. ما أجمل هذا الشعور..هل دخل أحدكم أحضان البحر قبل ذلك؟ لن تجدو أحن منها أحضان..عندها ذقت نعيم الحياة..أحسست ببهجة..وتذكرتك حبيبتي هناك..رأيت وجهك يتحرك مع حركت الأمواج وجه بديع الجمال..تعلوه الرقة وتشقه الإبتسامة العذبة..فقبلتك يوما..قبلة ثغرك الباسم على ماء البحر..أحسست بنشوة رائعة وبلذة الحب البارعة..أحسست بك ترقصين طربا في قلبي..أحسست بك يا بحر..تربت على كتفي وتحنو علي.. تزيد من إحتضانك لي..لقد عشقتها نعم وأتيت أبثك همي من بعادها..أشكوا البعاد وأرجو وصلها..لكنها الأحوال والقدار تأتي بما لا أحب..فماذا عساني أن أفعل يا بحر..دلني أرشدني....حينها جعلت مياهه تلفني شعرتت ببرودة وكأن ماءه المالح غسل ما في نفسي وشعر بما في قلبي..كأنه أزال تلك عتمة كانت بداخلي.. وكأنه يريد أن يغسل جسدي كله..فتأتي الموجة العالية تأبى إلا أن تغسل رأسي وتخص وجهي فتصطدم به أولا لتمحو غشاوة الزمن من على عيني ..بعدها رأيت الحياة بمعنى آخر.. ولمست هدوء البال وراحة النفس.. آه يا بحر..كم أحتاجك اليوم كثيرا..

لم أشعر برهبة أو بخوف..فقط شعرت بقلق خفيف من تلك الموجات المتسارعة نحوي وأنا لا أقف أبدا..أسير وأسير كأن نفسي لا تبالي.. لكن لساني سرعان ما تحدث وثغري يبسم خجلا مما سأقول ..لكنه العمر الذي لا يعاش إلا مرة واحدة..قلت له..أيها البحر..ربي وربك الله..لا تفعلها بي وأخفض جناحك ولا تلطمني هكذا.. أيتها الموجات المتسارعة نحوي اعلمي أني أستنجد بك فلا تخوني قلبا جاء مرتميا بين احضانك.. أيتها المياه أنت جند من جنود الله فكوني عونا لي ولا تكوني عدوا.. ومرت الساعات ومازال البحر يحتضنني ليجدد لي حياتي.. يالله كم هي جميلة تلك الساعات..

ومضى وقت الراحة وودعتك يا بحر.. وعادت الأحلام تراودني والقلق يخيفني ويزعجني والأرق يحاصر مضجعي.. هل ستكوني يوما لي..هل سأنعم بالحياة معك ؟ هل ستحقق أحلامنا التي بنيناها مع الأيام.. هل سيتدفق صوتك إلى اذني مرة أخرى.. لا اعرف أخشى ألا يكون ذلك..عندها ستكون نهايتي ولتوقني بذلك حبيبتي فلن أعيش بعدك ولو ساعة ..فحبنا وأحلامنا وأرواحنا تأبى لنا الحياة إلا سويا .. إن كان قدرنا أن نعيش معا فأهلا وسهلا بالحياة ..وإن كان غير ذلك فلتعلمي أن قلبي قد أغلق وأنت داخله ولن يخرج حبك منه أبدا..لتعلمي أن عشقي لك ولسحرك وجمالك لن تطفأه بحور الدنيا ولا أنهارها.. سلي الله أن نكون سويا لنسعد ونهنأ بأيامنا ونحقق أحلامنا..فقسما بربي غير أحضانك لا أقبل وإن كانت أحضان البحر..

اســتــفــتــاء

جائتني عدة رسائل عبر البريد الإلكتروني وهي على شكلين مختلفين وشكل ثالث لكنه في رسالة واحدة فقط .. هذه الرسائل ذات علاقة بتدويناتي هنا في مدونتي كأني أتكلم وبالأخص تتعلق برواية ايام الوحدة.. الوجه الأول من هذه الرسائل يطلب مني التوقف عن نشر حلقات الرواية والإكتفاء بهذا القدر ونشرها كرواية مطبوعة أفضل..من المؤكد أنه افضل لي من وجة نظر المرسل ومن وجهة نظري التي لم أتوصل بعد لقناعة بها.. هو يرى أنه يحب ان يقتني هذه الرواية وكذلك أنني عندما أكتبها للنشر سأراعي فيها الدقة والذوق العالي وأتوسع بشكل كبير في الاحداث والمواقف التي أمر عليها مرور الكرام في حلقات المدونة وذلك لعدم الإطالة كي لا يسأم القراء فهم ليسوا على وتيرة واحدة.. أما الوجه الثاني من الرسائل فهو على شكلين..شكل يطلب مني ان أنهيها بعيدا عن المدونة وأكتب لها سيناريو وأحاول انتاجها بالإتفاق مع شركة انتاج كحلقات مسلسلة..والشكل الثاني هو من يدعوني للإتفاق معه لإنتاجها تلفزيونيا.. أما الوجه الثالث الذي جاء برسالة واحدة فقط فهو يطالبني بالإسراع في إكمال الحلقات على المدونة لإنني تأخرت جدا وكانت آخر حلقة وضعتها من الرواية قبل أن ينتهي رمضان بثمانية ايام.. حيرني الأمر كثيرا فجئت لآخذ آراءكم فأنتم قراء مدونتي وزوارها وحقكم علي أن أفعل ما تريدون لأنكم أعرتموني انتباهكم وبعضا من وقتكم..أتمنى أن تبدو وجهة نظركم وما تحبون أن يكون وسآخذ الرأي بالإجماع ..كل ودي وسأترك لكم التعليق بآرائكم في هذه التدوينة والرابط الخاص بها سيكون على الجانب الأيمن من المدونة لكي تصلوا لها فورا..سأتابع تنزيل بعض التدوينات الأخرى من الخواطر والحكايات حتى أقف على رأيكم النهائي ..لكم مني خالص التحيات.. كاتب مصري

ألف ليلة وليلة /مشاهد/

مشهد(1) الأرنب العفريت..

الحاج حسين عبد الغني صاحب المزارع والمواشي ..الرجل الثري الذي بلغ من العمر السنة الأولى من العقد الرابع.. انتهى عمل الفلاحين الذين يعملون في تلك المزارع ويشرف عليهم الحاج حسين بنفسه ..أعطى كلا أجرته وانصرفوا..راح هو يسير في أراضيه مع ولده الصغير يجمع ما يرى أن أهل بيته في احتياجه..مابين فواكه وخضروات وطيور وما إلى ذلك..هو لم يعتد هذا ابدا لكنه اشتهى فعل هذا ذلك اليوم فصرف الفلاحين وبقي هو وغلامه الصغير.. وجمع بعضا من الخضروات والفواكه ووضعها في كيس كبير رفعه على عربة الحمار ووضع ابنه عليها وتركهما على مفرق الطريق..وكما اعتاد الحمار يوميا أن يعود آخر النهار للمنزل وفعلا وصل الحمار بما عليه بالسلامة.. انتقى الحاج حسين سبعة أرانب كبيره وبقي منتظرا أن يعود حماره كي يحمله للبيت وما معه..لكن ذلك لم يكن فرفع ثوبه ووضع الأرانب فيه وسار يحكم إمساك الثوب بيد وبالإخرى يمسك عصاته يتحسس الطريق فالظلام يعم القرية..ووصل الحاج حسين لمنزله أخيرا بعد أن اضناه طول المسير وجلس منهكا على كرسي ٍ كان في مدخل البيت ونادى على زوجته..خذي يا امرأة جلبت لك سبعة أرانب سمينة اذبحيها كلها وخزنيها في الثلاجة ..وفتح ثوبه ليعطيها الأرانب فلم يجد شيئا..يالله قد كنت محكما إغلاق الثوب عليها يستحيل أن تكون قد هربت..أين تكون قد ذهبت يا ترى .. فجأة جاءه هاجسه ارتعد له بشدة وهو رجل عمره واحد وخمسون عاما ..أمعقول أن تكون... لا لايمكن ولكن لم..ماذا تقصد يارجل ما ذا ستكون إذا..ربما كانت جنا يا امرأة.. نعم ربما أنا اسمع اصواتا غريبة في المزارع وبصورة ملفتة لكنني لا آبه به لأن الشمس تكون كاشفة ستار المختبىء..فارتعدت زوجته وقفزت ناحيته وهي تسأله أمتأكد مما تقول يا رجل.. حينها سمعا صوت عاليا فسقطا كليهما أرضا من الخوف..ياإلهي ماهذا..ردت زوجته يبدو أنهم بدؤوا رحلتهم في المنزل يا حسين.. كان صوت الرعد يقصف والمطر ينزل ليس إلا لكنهما لم يستطيعا القيام من فزعهما..نادى حسين على كبرى بناته..هناء.. تعالي وأخذي بيد أبيك وأمك..رأتهما هناء على هذه الحال ..ضحكت وسألت عن السبب فلم يجيبا غير أن كل واحد طلب أن تقيمه هو أولا ..أوصلتهما حجرتهما هما يبتلان عرقا في ذاك البرد القارس والرجل ما يزال مدهوشا مما حدث.. أغلقت السراج وخرجت بعد أن ناما في سريرهما نوما دون نوم.. وهكذا والخوف يطرق أبواب قلبيهما..حتى فتح السراج وحده دون أن يمسه أحد.. انتفضا وقاما يجريان إلى حجرة أبناءهم دخلا بهدوء واختار كل منهم فرشة أحد ابناءه ليجاوره هذه الليلة وينام معه فيها..

مشهد(2) بدون مخدر

أبو حلمي شاب في ثلاثينيات عمره..يعمل سائقا على طريق قريته والمركز التابع لها.. منذ ثلاثة أعوام وهو على هذه الحال... عاد يوما لبيته بعد أن أنهكه العمل..وكعادته دخل بيت الخلاء..لكن هذه هي المرة الاولى التي يواجه صعوبة شديدة في قضاء حاجته..ألم شديد وما غلى ذلك..تمر الأيام وهذه حال أبو حلمي..أشارت عليه زوجته بالذهاب لطبيب الوحدة الصحية بالقرية وفعلا فعل.. يبدو أن كثرة جلوسك يا ابا حلمي قد أتعبتك كثيرا.. لم يا حكيم ما العلة عندي وما علاقة هذا بجلستي؟ له علاقة كبيرة يا أبا حلمي.. مبدئيا حالتك بسيطة ليست متأخرة بعملية جراحية صغيرة ينتهي ألمك بإذن الله..لم يا حكيم ما الخير..لا شيء ولكن لا بد أن نسرع في عملية البواسير فقد أتعبت نفسك كثيرا وهي تأن ألما.. اتفق الحكيم مع أبي حليم على ميعاد إجراء العملية عن قريب فهو لا يريد أن يتعطل عن عمله..وجاء اليوم وتم إجراء العملية ونقل أبو حلمي لعنبر المرضى وفيه غيره كثير.. كان عند أحد المرضى والدته تزوره ومعها ما لذ وطاب من الأكل الذ جلبته لإبنها ليتقوت به..(بط وإدام ووو) لكن ابنها رفض أن يأكل بحجة أنه لا يقدر على مثل هذا في حالته هذه..فتركت والدته أواني الطعام جوار سريره..كانت قريبة من أبي عبد الحليم..فكر مليا ثم اشار معدته فوجد نفسه تشتهي هذا الأكل..فكلم تلك السيدة وطلب منها أن يأكل هو هذا الطعام فلم تؤخره عليه وأعطته إياه..أكل أبو حليم وملأء وعاء بطنه وشرب حتى انتفخ..بعد ساعات أراد أن يزور بيت الخلاء..ولكن كيف ما زالت خياطة العملية موجودة بل لم يمضي عليها يوم واحد..لكن الأمر ثقل عليه فراح بيت الخلاء وقضى حاجته وتقطعت خياطة العملية وصار يصرخ ويولول..جاءه الحكيم ورأى ما فعله..أصابه الغيظ مما حدث من جهل أب عبد الحليم فأقسم له ليعلمنه كيف يفعل هذا مرة ثانية..والله لأخيطن لك هذه المرة ولكن دون مخدر لترى بعينك وتشعر بالألم وتتعلم..ويصرخ ويتوسل..لكن الحكيم أبا ونفذ وعيده..أمسكته الممرضات وبدأ يخيط وذاك يصرخ حتى انتهى الحكيم وأبو عبد الحليم يدعو على تلك السيدة ويمنى أن لم تكن قد جاءت يومها..

لدي مشاهد أكثر وحكاوى أعجب من حكايات الفلاحين وأهل القرى سأضع منها كل فترة مشهدين من باب الإستراحة والمرح.. التدوينة القادمة الحلقة السابعة من رواية أيام الوحدة..وعندما تنتهي الرواية لكم مني أربع مشاهد أخرى أكثر مرحا ودعابة وبها من غرائب وعجائب القروين ولكنها حقائق..

 
') }else{document.write('') } }