...أوراق الحلوى

أغلق سماعة الهاتف بعد أن أنهى حديثه مع والدتها..اتفقا أن يحضر إليهما في الغد ليتعرفوا به ويتعرف بهم.. كان سعيدا جدا..لهجة الحديث مع والدتها أدخلت الطمأنينة لقلبه وزرعت بذور الأمل في نفسه...بات ليلتها بنتظر الصباح وقلبه بين شغفٍ وقلق..

استيقظ في العاشرة صباحا..بعد أن غاب مع الأحلام والخيالات التي بنت له تصورا عن هذا اللقاء المنتظر.. قام سريعا..جهز نفسه بصورة عادية جدا..لم يحب أن يبرز نفسه بصورة ليست هو..

صلى استخارة قبل أن يخرج..دعا فيها الله أن ييسر له طريقه إن كان في الأمر خيرا له..وإلا فليأته شيئ يعطله عن ميعاده..

وخرج من المنزل في الحادية عشر..

وصل موقف السيارات المسافرة حيث يريد..وجد الامر سهلا..أين سيارة كذا..هناك..وبكل يسر ركب السيارة..كان ذلك في الحادية عشر والنصف..مازال الوقت مبكرا عن ميعاده معهم لكن الطريق وحده يحتاج ساعتان ثم إنه سيستقل راحلتان كي يصل إليهم..

بدأ سائق السيارة في السير..الطريق ميسرة بعض الشيئ..الأحوال هادئة وقلبه مستقر ليس به شيئ من القلق..كل ذلك من شأنه أن يغرس بذور الراحة والامل في قلبه..

زحام بعض الشيئ لكنه سرعان ما ينفض..

بقي في الطريق خمس وثلاثين كيلا فقط..الثانية عشر والنصف..يا إلهي يبدو أنني تعجلت الركوب..لا بأس سأمكث وقتا قبل أن أركب السيارة الثانية..

الواحدة ظهرا..توقفت السيارة..وصل إلى الخطوة الأولى في المشوار..

خرج من السيارة..سار يبحث عن دكان خدمات المحمول كي يعبئ رصيد هاتفه ويتصل بها ..يخبرها أنه لم يبق عن وصوله إليهم شيئا..

عبأ هاتفه..خرج من الدكان..وهو يسير تحت بناية تحت الإنشاء.. سقط أمامه مباشرة سطل معبأ بالخلطة الإسمنتية.. ياالله ..ارتعد قلبه خوفا أن تكون ملابسه أصابها شيئ.. نظر سريعا إلى نفسه.. الحمد لله شيئ خفيف جدا زال بسرعة..لأكن حذاءه أصيب بشده..

اشترى مناديلا ورقيه.. اتصل بها اخبرها بوصوله وأنه سيكون عندهم خلال ساعة على الأقل..دخل المسجد المجاور للموقف ..اتجه لمكان الوضوء..نظف حذاءه..توضأ..وعاد للمسجد فصلى السنة والظهر مع الجماعة..

خرج من المسجد بعد الصلاة.. اشترى جريدة تسليه في طريقه..ركب سيارة أجرة توصله موقف السيارات الذاهبة حيث يريد..

يبدو أن الاجرة غالية بعض الشيئ..لا ضير..فمه ما يكفي لذلك..

أخيرا وصل الموقف..استقل السيارة .. وهاهو في طريقه إليهم..

الطريق يمضي سريعا..قلبه في شوق جارف إليها..ونفسه ترتعد خوفا وقلقا من هذا اللقاء..فهي المرة الأولى التي يوضع فيها بمثل هذا الموقف..

قليل من الوقت.. وصلت السيارة أخيرا إلى البلدة.. ونزل الراكبون منها ونزل هو..

اتصل بها فورا.. ألو أهلا حبيبتي..لأقد وصلت عندكم..ولكن كيف أتجه لأصل منزلكم..

فجعلت تصف له ويسمعها..ولما أنهت خديثها ركب (تك تك) وذهب حسب ما قالت له.. حتى رآى لوحة معرض السيارات الذي يقابل منزلهم مباشرة ..عندها ارتج قلبه بشدة..

نزل هناك..من شدة الإرتباك نسي محاسية السائق..فوجد أحدا يسير خلفه( يا أفندي الحساب... آه معلش آسف مأخدتش بالي..)

يقف أمام بنايتهم الآن..يرن هاتفه..أين أنت؟ أنا أمام بيتكم..أفكر في الرجوع وعدم الصعود..تضحك بشدة وتقول له أعانك الله وداعا..أنتظري انتظري ..ما أفعل الآن؟...ما تفعل ؟ اصعد السلم واطرق الباب...

دخل البناية ..لإوجد والدتها تنتظره على السلم..تقول له ..تفضل مرحلا بك..

بدأت مرحلة الإنتفاض..بعد أن كان قلبه يرتجف خوفا..جسده كله الآن ينتفض ويرتعد خشية الموقف..

دخل البيت..نفضل تفضل أهلا وسهلا.. وأقبل والدها.. أهلا ومرحبا تفضل..وسلم بيده عليه ليلمس بنفسفه برودة يده..كان هذا شيئا جعل والدها يرفق به في الحديث ولا يثقل عليه مراعاة لحاله..

جلس على الكرسي ..وتكلم كالمغشي عليه من الموت ..إذا سمحت كأس ماء..

ضحكت..ثم ذهبت وأحضرت الماء والعصير.

شرب بعضا من الماء.. ثم أعطته كأس العصير..

المجلس الآن ثلاثة..هو على يسار المجلس ووالدة حبيبته في مقابله ووالدها بين هذا وهذا على الجانب الأوسط..

لم يتكلم أحد منهما بأية كلمة سوى(نورتنا وشرفتنا..)أحس بالخجل الشديد..لابد أن يتكلم ..لابد أن يبدأ ..ولكن كيف وما يقول.. ثم عزم وتوكل وبدأ الحديث...موجها إياه إلى والد حبيبته..

تعرف حضرتك الشأن الذي جئت من أجله لا بد أنهم قد أخبروك..نعم هذا صحيح ولكن نسمع منك..

في الحقيقة لم يكن ببالي يوما أن أفكر في الزواج وأنا في هذه السن ..مازلت في العشرين ..ولكن يبدو أن القدر ليس كما فكرت..

عندما عرفت ابنتكم المصون تعلقت بها كثيرا..فيها من الميزات ما لا يدرك بسهولة..كنت كل يوم أصلي استخارة وأقول ربي إن كان هذا الأمر خيرا لي فاقدره لي وإلا فاصرفني عنه..

عندما علمت أنها منقبة إزداد تعلقي بها أكثر.. طلبت منها كثيرا ان اتكلم مع والدتها..لأكنها كانت تقول دوما لم يحن الوقت الآن..والحمد لله ها قد حان الوقت وتحدثت إلى والدتها وحددنا ميعاد هذا القاء وهاأنذا هنا..

سكتا قليلا..ثم رد والدها نورتنا أهلا ومرحبا بك..تفضل العصير..

ازداد قلقه واهتز.. كل هذا الكلام وليس هناك رد.. فسكت وشرب العصير..

قامت والدتها..جاءت بالشاي و(الكاتو) قدمته له وهي تمازحه...تشرب ملعقة سكر ونصف فقط أليس كذلك...نعم ولكن كيف عرفتي.. قد أخبرتني عن كل شيئ..هي لا تخفيني سرا من أسرارها بحمد الله..فسكت

عادت وجلست ..ولما بدأ يشرب الشاي..أخيرا تكلمت..ولكن أخبرني عن برنامجك المستقبلي إذا..

فبدأ يتكلم.. بقي لي في الكلية كذا وبإذن الله سأحصل على إعفاء من الخدمة العسكرية..و..

فقاطعته..أعتذر عن مقاطعتك ولكن..ورائك كل هذا وتفكر الآن بمشروع الزواج أليس غريبا بعض الشيئ هذا الأمر.. لا ليس غريبا..لم ؟

أنا لم أقل زوجوني الآن ولا بعد سنة..أنا جئت لنفتح الحوار بيننا ونتعارف ونتناقش في الأمر..ثم إن كتب الله نصيبا فلن يتم الامر قبل سنتين أو ثلاثة..فأكملت له أو أربعة... انقلب وجه..ثم قال ثلاثة على أقل تقدير..

في هذه السنوات الثلاث أكون قد انهيت الكلية..ورتبت أموري وجهزت حالي..

سكتوا قليلا ثم تكلم والدها..سؤال أرجو أن تجاوبني عليه.. من عرفك بنا.. فرد ..القدر أولا وأخيرا..

نعم نؤمن بالقدر ولكن لكل شيء سبب..فحكى له قصة تعارفهما على انها عن طريق صديقة لها أخذ هو رقم هاتفها منها وكلمها وكان ما كان..

لم يبد رد فعل على الموضوع وسكت.. بعدها تكلمت والدتها ..ولكن والدتك ووالدك كيف ستخبرهما ومتى وما الأمر بشأنيهما..

سأخبرهما قريبا..أختي الكبرى سوف تتولى هذا الأمر..هي وعدتني بذلك..ستتحدث معهم قريبا وتقنعم بالأمر ..

أظنهما لن يقتنعا..لم تقولين هذا؟سيقتنعان بإذن الله..

طال الحديث وهو يرتجف..ثم لما أنهيا الكلام في الموضوع الرئيسي وصار الحديث فرعيا..ووجد عبارات الترحيب به قد كثرت..قال في نفسه..جاء وقت الرحيل.. فلما هم بالإستئذان للخروج..

نظر والدها للوالدتها وضحك قائلا..(هيّ مش هتيجي ولا ايه) فسكت ولم يتكلم ..

فنظرت إبه والدتها..كنت تريد أن تذهب..أنت على عجل..لا لاشيء..فضحكا تبسما..

قاما وتركاه وحده خمس دقائق أو أكثر..عادا بعدها..جلسا قليلا..ودخلت حبيبته بصحن الفاكهة في يدها تضعه أمامه بيدها.. وما إن وقعت عينه عليها..حتى تغير حاله واهتز بشدة..

ثم جلست على الكرسي المجاور له..فقالت لها..لأا تعالي اجلسي بجانبي مقابلة له كي يراك..

كانت في خجل شديد..

تكلموا قليلا وهي صامته لا ترفع عينها من الأرض..ثم طلب والدها منه أن يسمعه شيئا من القرآن..

قرأ شيئا من بداية سورة يوسف..

كانت صلاة العصر قد حانت.. قدموا له فاكهة..لم ياكل سوى موزة واحدة..

قام بعدها وتوضأ.. ونزل مع والدها المسجد..صلى العصر.. وخرجا سويا ثم استأذنه هو ليرحل فأصر عليه أن يتغدى معهما..لكنه رفض وقال..لإي المرة القادمة بإذن الله...

انصرف أخيرا بعد هذا اللقاء الذي اهتز له..

اتصل بها..كلمهاا قليلا..ثم طلبت منه العودة إلى بنايتهم مرة أخرى..ليأخذ هديته من خلف باب البناية...

عاد مرة أخرى..دخل البناية..حقيبتي هدايا صغيرتين.. أخذهما وانصرف..ثم أخبرها أنه أخذهما وشكرها كثيرا..

يا ترى هل سيصنع هذا الحب العظيم القبول عند أهلها..هل سيتقبل أهله هو الأمر..

هل سيعيشان سويا كما تمنيا؟ كل منهما يحلم بهذا ..يرجوان من الله أن ينعما بحياة الحب الوردية...

تمت

20 التعليقات:

قلم حالم يقول...

في شوق لأن أعرف الباقي ...

دام قلمك مبدعاً

روح يقول...

ياسلام تقول الاحداث البسيطة دي
وبعدها تسيبنا ما ينفعش كدة
عموما في انتظار التكملة بس
ياريت مش تتأخر
تحياتي

Desert cat يقول...

مش عارفه حاسه بقلق
يارب يوصل لها بالسلامة

kochia يقول...

في انتظار البقية

تحياتي

Ghada , Rofayda يقول...

كالعادة تتركنا في شوق لمعرفة البقيه...

تحياااااااتي


دمت مبدعا....

سنووايت يقول...

فين الباااااااااااقي

اجمل شيء ان حسيت ان كل شيء ميسر في المشوار دا
بس يا تري ايه اللي هيحصل بعد كدة؟؟

نونو يقول...

على طول تشوقنا كدة ؟
فى انتظارر المزييييييييد

ٍSOU يقول...

فى انتظار الجزء التالى

دعوة للأمل يقول...

فى انتظار بقية القصة انشاء الله
و تحياتى

زفته وقطران يقول...

مليش دعوه
عاوزه اعرف الباقي

PrInCeSS BeRy يقول...

ازيك يا كاتب يا كبير اسلوبك حلو اوى وشيق وفى الانتظار

Mony يقول...

شوقتنا و سبتنا

كده برضه


اسلوبك رائع

HANY YASSIN يقول...

السلام عليكم
نص رائع
مشوق
فى انتظار النهاية
تحياتى
هانى يس

rovy يقول...

قصه جميله كالعاده ....
شوقتنى اعرف البقيه
اكيد حنتابع ان شاء الله

تقديرى و تحياتى

كراكيب يقول...

يوووووووه بقىىىىىىىى
انا عايزة اعرف ايه اللي حصل بقى وانا مالي وانا مااااالـــي
تؤ.... اللــــــه

احممممم.. ايه الدخلة اللي دخلتها على الناس دي؟؟

امممممم... *ازيك الأول؟؟
*دي اول زيارة ليا يا "كاتب" واتبسطت اوي منها
وقريت كمان بوست "عدل" و "من حقهم" وعجبوني كتير كتييير

و...... ومليش دعوة بقى عايزة اعرف عمل ايه بقى.. :)
ماتطولش علينا... ماشي؟؟

miro

Aиgel يقول...

الله عليك

روعه فى اGحاسيس وتصوير الأحداث بشكل متقن
انسيابيه فى القصه بشكل مذهل

تسلم ايدك يا رب

دمت ودام ابداعك
وفي انتظار باقي الأحداث
Angel Love

Aaya يقول...

جملة جدا جدا
والأحداث بسيطة لكن حلوة
وأتمنى أنك تزور مدونتي أنا وأنجل
(( خمسة لقلبك ))
http://5toyourheart.blogspot.com

اعشق فى الليل ضوء القمر يقول...

جميل جدا
لك تحياتى أسلوبك شدنى كثيرا
فضلا عن إنه ذكرنى عندما ذهبت لأهل خطيبتى لخطبتها غير إنها قريبه من منزلى وغير منقبه وأنى أعمل وأكتسب من عمل يدى

Aиgel يقول...

نهاية جميلة ومطمئنة يسلم فكرك وقلمك كاتبنا المستقبلي
Angel Love

زفته وقطران يقول...

اولا هي روعه
احساس ووصف للمشاعر عالي جدا

انا كنت حاسه اني شايفاهم
لان ده فعلا اللي بيحصل


انا لي سؤال لغبطني
هما اتعرفو ازاي
وهي منتقبه
معش اني اتاخرت ف قرايه الجزئ التاني

 
') }else{document.write('') } }