أصبح الموقف الآن معقدا بعض الشيئ.لا يعرف هادي ما الذي جعل آية تآخذه بهكذا أمر..ليس إلا معرفة يوم واحد.. بل ربما ساعات قليلة..حاول أن يجد مبررا لها لكنه عجز..ينتظر الحوار بينهما غدا..إن أتت أساسا..
قلب أوراقه..وجد يحث هبة يسكن في ملفه الخاص..يالله ..هو لا يضع هنا سوى أوراقه الخاصة الشديدة الأمية..تذكر الآن أنه قد كان يومها فرحا بنفسه قفد كلم فتاة وجها لوجه..بل وصافحته أيضا..لأذا أسكنه خصوصياته ..أخرجه فورا وهو يحدث نفسه..أعتقد أنه ليس مكانه المناسب ولن يكون يوما كذلك..
صورة الموقف مازالت ترتسم أمام مخيلته..وجه آية الذي انقلب لوحة ألوان ..برود هبة وكلماتها السخيفة التي أحرجته كثيرا..
يبدو أنني أخطأت الدخول إلى هذا العالم..تبدو تلك البوابة خطرة لا يمكن أن أكمل فيها.. ولكن كيف ؟أنسحب منها بهدوء دون أن أسيئ لأحد..بعد أن أسمع ما ستقوله آية ..لا بد أن أرسم لنفسي خط الرجعة.. يالله لن ألج بوابة بعد اليوم إلا بعد أن أعطيها حقنة إختبار لأرى هل تتناسب أجوائها معي أم أني سأغرق وأنا لم أبتعد عن الشاطئ كثيرا..
اضطر آسفا أن يقتص من وقته ليكتب بحث هبة..ليس عن رغبة منه ولا عن إعجاب بها..غطلاقا..إنما عن وعد وعدها إياه ..لا أكثر.. كتبه من ذاكرته..لم يراجع فيه كتبا أو حتى كلف نفسه مراجعة كتاب المنهج..الوحيد الذي اشتراه لكن يبدو أنه كان أمرا ثقيلا على نفسه..
الساعة الثالثة فجرا... لم يجد النعاس ليلتها سبيلا إلى أجفانه.. تقلب كثيرا على الفراش لكن الأرق قد اختاره الليلة كي ييجعل منه متكأ ومنزلا له.. قام من فراشه..توضأ..وبدأ يصلي ركعات يناجي فيها ربه.. اللهم إنك تعلم أين الخير لي فقدره ويسره لي..اللهم إني أعلم أنك لم تحبب مني ما فعلت فساعدني على الخروج منه دون أن أكون سببا في إحراج أحد أو إزعاجه..
جلس بعدها يتذكر حاله منذ أيام قليلة..لم يكن يعرف أحدا ولا يعرفه أحد..وكيف هو اليوم في شبكة فتيات معه أينما ذهب..إحداهن يرى أن نفسه تتوق لها..أو تشفق عليها..ولكن لم تشفق عليها..ربما يغالط نفسه..هو يرتاح إليها أكثر من أي أحد آخر.. طال حديثه لنفسه..لكنه توكل على الله تاركا أمره إليه..
ساعات قليلة كانت كفيلة بأن تخرج الشمس من خبائها ..قام فارتدى ملابسه..ألساعة السابعة والربع..ما يزال الوقت مبكرا... نزل إلى الشارع حاملا معه كشكوله الخاص وبحث هبة.. فكر قليلا أين يسير هذا الصباح..الملل يضاجع نفسه يكاد يختنق من الوحدة في غرفته...تذكر موعد محاضرته الأولى..العاشرة ..يالله بقيت ثلاث ساعات..هل أصعد ثانية وأعود لوكري أصارع الأفكار..أم ماذا أفعل؟
استقر بعد وقت أن يسير على قدمه ..منها أن يعرف شيئا في شوارع مدينته ومنها أن يقتل الوحدة والأفكار المزعجة تلك...بحث عن شيئ يعرفه كي يسير فيه ..وجد نفسه يعود مرة أخرى لشارع النيل..هو الذي يعرفه.. أخذ الطريق كاملا إلى الجامعة.. كلفه ذلك من وقته ساعة وربع الساعة.. يسير قليلا ويتكأ على السور حينا.. يناجي النيل ويحاكيه..يبث همه كأنما يغسل بماءه كوامن روحه ليبدأ يومه خالي الذهن والنفس..
وصل الكلية بعدها ..الساعة الثامنة وخمس وأربعون دقيقة..ساعة وربع على ميعاد المحاضرة الأولى.. اتجه إلى مكتبة الكلية..جلس هناك ..يراجع أيامه عندما كان في الإمارات..جلسته المحببة بين الكتب..كتب التراث والأدب والتاريخ..وراح يجوب بحورها تلك الساعة..حتى لم يعد متبقيا عن المحاضرة سوى دقائق..فقل ذاهبا إلى المدرج. دخل المدرج..لم يجد فيه كثير..فتيات يجلسن في أول (بنش) وأخريات في الوسط..وشاب وحيد يجلس في الخلف..يعد كثيرا بأن رآى شابا هنا..سيتحدث إليه ويعرفه..سيكون له صديق شاب ثاني.. يار حتى وصل إليه..وجده كما ر’ه أول مرة..قد اشتاقت خشبات (البنش) إليه فنام عليها..
خجل من أن يجلس وحده في المدرج وتلك الفتيات فيه..قم إنه لا يريد أن يضيق عليهم فيخفضوا أصواتهم .. سار خارجا يقف منتظرا وصول أحد الشباب كي يقف معه أو يتحدث إليه..إبراهيم أو غيره ممن يعرف أنهم في دفعته..يعرفهم كي يقسم بالله غير حانث لأهله أنه يعرف شبابا.. عندما وصل باب المدرج سمع صوتا أنثويا ينادي..التفت ليجدها إحداهن من الجالسات في الصف الأول.. رد نعم..هل من خدمة..فقالت(ممكن لو سمحت ثواني) على الرحب والسعة..(كان الدكتور وائل قلنا عليك قلنا لو كان عاوز حاجة ابقوا ادوهالوا فلو كنت عاوز حاجة احنا معانا رنا الي قاعدة هناك أهي ابقى بس تعالى اطلب ..ماشي بس أنا حبي أوصل الأمانة..تقدر تتفضل..) بكل سرور أشكرك ومن معك جميعا.. أنهى حديثه بابتسامة رقيقة..ثم خرج من المدرج يضرب كفا بكف..ماهذا لم أنا بالذات تحكي فلانة وعلانة معي.. ولم يوصي الدكتور وائل فتيات بي.. يالله..
كان يفكر متكأ على السور المطل على الدور الأرضي.. انتبه على يد تربت على كتبه..التفت..ليجدها هذه المرة..هبة..يالله..(مش وقتك خالص) مرحبا هبة..أحضرت لك البحث قبل موعده..احفظي هذا الجميل..تفضلي..وداعا.. لم يعطها فرصة للحديث تكلم كلامه سريعا وودعها وانصرف قبل أن تباردره بالد والمصافحة التي لا يحبها مع الفتيات..
ظل ينتظر حتى جاءت الدكنورة نورة..دخل المدرج..وعاد لمكانه الذي اعتاده..ظل يبحث عن آية..لم تأت بعد..بالله..ليس معه هاتف كي يتصل بها..ولو اتصل لن ترد..ما العمل.. لم ينتبه يومها للمحاضرة إطلاقا كان شارد الذهن منهك الجسد من ذاك المشوار الذي ساره صباحا دون أن يضع في فيه شيئا..
انتهت المحاضرة..خرج من المدرج..من الكلية كلها..ذهب إلى السنترال..اتصل بآية..ردت عليه..كلمها..لماذا لم تحضري..كان عندنا ضيوف من البارحة ولم أنم فلم أستطع الحضور..أعتذر..نكهة صوتها رائقة ..يبدو أن اختناقها قد انفك.. هل يمكنني التطفل بسؤال..(يا سلام أنت تؤمر)..هل أنت مزعجة مني..(لأ طبعا انت بتقول ايه..أنا بس حبيت أعلمك امبارح حاجة تعيش بيها حياتك وسط الناس دي..بس لكن أنا أزعل ليه ..مش احنا اصحاب..) رد وهو يبتسم..نعم بكل سرور يا آية.. ثم ودعها وتواعدا الحديث يوم السبت عندما تأتي..
عاد إلى الكلية..المحاضرة التالية بقي عليها ساعة واحدة..ذهب المسجد ليصلي الظهر.. صلى جماعة مع الناش.. بعدما أنهى الصلاة جاءه أحدهم يطلب منه أن يشاركهم جلسة تلاوة للقرآن وذكر لله..لم يعترض لكنه أخبره أنه سينصرف بعد بعض الوقت لمحاضرته.. جلس معهم..تعارفوا أولا بالأسماء والأقسام في الكلية..ُم بدؤوا التلاوة..وأعقبوها بالحديث في السيرة..ثم بدأ مدير الجلسة بالحديث في أمور متعلقة بسياسة الدولة والغختناق الذي يعاني منه الشعب ويدعوهم لمظاهرة نظمتها جماعة إسلامية طلابها في الجامعة..و..و..و..
لم يرق الكلام كثيرا له..فكر..من هؤلاء..؟ ماذا يقولون..هو يعرف الجماعات الإسلامية..يعرف أن منهم المعتدلون الداعون إلى الله على حق..ولكن من هؤلاء وما اتجاههم ..لا يعرف.. كلمه أحدهم شخصا بشخص..فحاول الغعتذار..ثم إنه قال عندما غلبه في الحديث إن كان لدي وقت أتيت.. ولما انصرف من المسجد..أكد في نفسه أنه لن يذهب..لأماذا؟لأن إصرار ذاك الذي كلمه أثار بنفسه الشك والظن..
عاد للمدرج..يكمل جزءا من حياته وسط عالمع الجدبد..مشوش الذهن بما حدث معه في المسجد..
فيا ترى..ما سر هذا الشخص الذي تحدث إليه في المسجد؟ وما حكاية تلك الفتاة التي عرضت عليه المساعدة بدعوى التوصية من الدكتور وائل..؟وما هي نهاية الموقف السخيف الذي يتمنى أن يكون انتهى باتصاله اليوم مع آية؟
20 التعليقات:
اول تعليق
يشرفنى انى اكون اول تعليق
الحقيقه دى اول زياره لمدونتك
حلوه جداااااااا
بوست مميز
كلماته موزونه
وواضحه
تحياتى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
دا اول زيارة لى
بصراحة مدونة شكلها حلو
وحتى كتاباتك تجذب
البوست جميل
بالتوفيق يارب
قصة حلوة
انت مش مركز فيها خالص فى الرجاله اصحابك كله بنات فى بنات مكن تحكى عن موقف مع احد اصدقائك
mnar
كل ودي لك..ومن قال انها حكايتي أنا..هذه يوميات أكتها في رواية منها الواقعي ومن الخيال لكنه ليس أنا..
كل ودي
وبعدين يا ابراهيم :) شكلنا احنا اللي مش هننام علشان نعرف ايه اللي هيحصل و مين رنا دي كمان :)
وبعدين يعني انا هعملك ليست الم فيها البنات دول .. ايه يا عم انت فين الشنبات اللي في الكلية دي :)
يلا ادينا مستنيين اما نشوف بكرة هيحصل ايه :)
:) ربنا يسعدك
جميل انك تسرد يوميات وحكايا ت من الواقع مع بعض من الخيال تقريب اغلبنا مر باجزاء من المواقف دى ان مش كان كلها يعنى
عجبنى اوى أنك استخدمت ( آية ) استخدام الاسم دى قليل اوى ادو بس للاسم دا فرصة هيكسر الدنيا طبعا مش اسمى بقى الله امال ايه هههههههه
تحياتى لك
يويو
تشويق تشويق
ياتري اجابات الاسئلة هتكون ايه؟
واضح انه هيتعب اوي في الكلية
بس حاسة ان وجود ايه معاه هيعلمه ويساعده كتير
سلامو عليكم
انا عجباني الحلقه جدا
حواره مع نفسه مشاعره
يناجي النيل ويحاكيه..يبث همه كأنما يغسل بماءه كوامن روحه ليبدأ يومه خالي الذهن والنفس..
دخول موضوع الجماعات كمان
حلو جدا
جدا
ربنا يستر بس وميطلعش ايه كان جايلها عريس ولا حاجه
اعتقد ان بطل القصة ده مشوش بفعل الأحداث التى تدور حوله
ولكنى لن املك سوى المتابعه للوصول لتلك الحلول
اسلوبك رائع فى الكتابة و منتظربن الباقى القصة انشاء الله
تحياتى لك
سألت الأحرف من أنت؟
سألت كل سطر من أنت؟
سألت الفواصل من أنت؟
سألت الشدة و الفتحة و السكون من تكون؟؟
أجمع الجميع مبدع مكانه منقوش بأحرف الإبداع، بنكهة الجمال، بلمسة سحرية زمردية جاذبة لكل من تقع عينيه علي هذه الأحرف.
لن أقول أكثر من هذا و لكنها رااااائعة
تحياتي
رغدة حزن
أليس في بلادي العجائب..
لا هتنامو طبعا هو أنا أقدر اسهركم
كل ودي لكبس انت تابعي وهتشوفي
yoyo
طبعا اسم آية حلو..كل ودي لك
سنوايت..
هتكون الإجبات الي انتو مستنينها يا ترة بأه فكرتي ف ايه..تابعيني
لك كل ودي
زفته..
آية مجلهاش عريس لأ..وموضوع الجماعات ده يمكن معظم الحلقة الجاية الكلام عنه..
كل ودي لك
تحيتي لكل من علق ولمن لم أرد عليه سأزوره في مدونته وأرد عليه مخصوص
كل ودي
صباحك سكر
ميرسى لسؤالك واهتمامك
وطلبك نفذ خلاص
احب ابقى اعرف رايك
تحياتى
يويو
صباحو عسل
ايه يا عم التطور ده
المره دى طحن
تقدر تقول توثيق للحياه الجامعيه
دعوة للأمل رحيق الحياة
كل ودي لكما وشكرا جزيل الشكر على التعليق
yoy وقاوب بتغني
صباحكم ورد وفل وياسمين
شكرا ولكم كل ودي
الحلقة الجديدة النهارده بالليل بإذن الله
ننتظر البقيه
لعلها تضيف اجابات لتلك الاحداث المشوقه
دمت مبدعا
برضو لسه معرفتش مبررات آيه زى ما قلتيلى فى التعليق فى البوست اللى فات
دا الحكايه زاد غموضها وأسئلتها أعتقد أننا الآن فى دوامة الأحداث وتصارع الشخصيات واندماجها
مصطفى
كأني أتكلم
أحداث مشوقة بالفعل
منتظرة الباقي..
Aaya
تحيتي لكم
الآن يأضع الحلقة الجديدة انتظروها بعد ساعة وأقل..
لكم كل ودي
إرسال تعليق