حياة..مسيرة واستشهاد / 11

بات ليلته تلك وقد عزم على الذهاب لحضور المسيرة..لم يفكر للحظة ما قد ينجم عنها..إنما أقنعته كلمات زميله وأفكاره ..فقرر الذهاب دون أن تعرف آية..كل هذا وآية ما زالت غاضبة .. وهو لم يحاول الإتصال بها.. حدثته نفسه أن يتصل كثيرا لكنه آثر أن يتركها هي التي تتصل كي لا تثنيه عن رغبته في الذهاب.. وأشرقت شمس يوم الجمعة وآية لم تتصل بعد..

شاء القدر أن تسير الأمور كما رتب لها هادي..ارتدى ملابسه في العاشرة صباحا..خرج من بيته دون أن يعرف أحد من أهله أين يذهب..وصل منزل زميله ذاك.. خرجا سويا..تناولا الإفطار وهو يحاكيه عن جماعتهم تلك..من هم وما يفعلون.. يبدو أن الصورة التي ترسم في ذهنه الآن هي تلميع لصورة الدين الذي يعرفه قبل أن ياتي مصر..أساسيات لا شيئ فيها..وجد كلامه مريحا بعض الشيئ..راح يسمعه على حذر وترقب..دون أن يظهر له أنه سيكون يوما معهم..إنما اصر على كلماته الأولى له..ليس معنى هذا أنني سأكون دوما معكم إنما أنا أنظر كل ما حولي فقط لا أكثر..

اقترب موعد الجمعة..وصلا إلى المسجد المتفق عليه..رفع أذان الجمعة..بدأت الخطبة..ينظر هادي حوله ..ألمسجد مزدحم جدا..وعلى مدى عينه يرى أناس كثير يقفون في الخارج..يبدو أنها ستكون مسيرة كبيرة..أومعقول أن يكون هؤلاء مصلون لا دخل لهم بالمسيرة.. راح يشرد بفكره والإمام يخطب..طالت الخطبة كثيرا.. ثم أقيمت الصلاة.. وانقضت الركعتان..

بعدما سلم الإمام يمع المصلون صوت عال ياتي من الدور العلوي..مصلى النساء.. يبدو أنها مشاجرة..يالله..وخرج الجميع ..والكل يهتف بصوت عال..معكم ولن ننساكم..الله أكبر يا أقصى ..الله أكبر لا إله إلا الله..اهتز قلب هادي من الهتافات التي تقال..ورفع صوته مع الهاتفين..الله أكبر.. ما إن خرج من المسجد حتى رآى قوات الأمن المركزي تحاصر المسجد وتطوق المكان بالمدرعات والدبابات ..وتحاول إرغام الناس للعودة داخل المسجد..

فزع من الأمر..لأكنه تذكر أن ذاك اختياره هو..لأذلك لا بد أن يكمل.. المتظاهرون لا يرجعون للمسجد بل يقاومون..وآخرون من خلف قةات الأمن لم يصلوا في ذاك المسجد راحوا يرمون قوات الأمن بالحجارة.. الموقف عصيب جدا..وما زال في بدايته..

فوجئ الجميع بقنابل مسيلة للدموع يقذفها رجال الامن عليهم ..الدخان يملأ الجو..والأنفاس تتداخل..لم يعد هناك هواء..صار المكان مختنقا..لكن رجالا من المتظاهرين ما إن تسقط القنابل المسيلة للدموع تلك حتى يمسكوها بأوراق ويعيدونها رميا في وجه رجال الامن.. حتى أثاروا بلبلة في صفوفهم وتزعزع..وأتاحوا الخروج لمن في المسجد وهم يدفعون قوات الأمن..

ظن هادي أن الأمر الآن صار سهلا بعض الشيئ..لكنهم عبروا حاجز الأمن هذا ليتعرقلوا بقوات الصاعقة خلفه الذين بدؤا يطلقون رصاصا حيا في الهواء ليثيروا الرعب في قلوب المتظاهرين..

والمتظاهرون يهتفون..الله كبير يا أقصى..الله كبير يا مصر.. هادي يسير وسط المعمعة..يتفلت جريا هنا وهناك ويقذف رجال الأمن بالحجارة..وهو في هذا باله يفكر ويشرد..راح يخاطب نفسه بصوت مسموع..سبحان الله يقاتلون لأنهم قالوا ربنا الله ..لأنهم أرادوا تحرير الإنسان من ذل المهانة..لأنهم انصاعوا لأمر الله وأرادوا تحرير الأقصى أو نصرة أهل فلسطين بكلمة..

عادت قوات الامن مرة أخرى تدفع المتظاهرين داخل المسجد.. أفلت منهم من رحم الله وسقط في أيديهم من لم يستطع الهرب..وعادوا غلى المسجد تارة أخرى..وأغلقوا البوابة عليهم ومعه بعض رجال الأمن..

وتفرغ الباقون من الطرفين خارج المسجد لأنفسهم..كل واحد من المتظاهرين راح يجري جريا لينجو من بطش الأمن..وهم يلاحقونهم..

وسط هذه المعمعه..حاول أحد المتظاهرين داخل المسجد استغفال رجال الامن وفتح البوابة..وهذا ما كان فعلا..لكن رجال الأمن قابلوه من الخارج بطلقات رصاص حية ما إن فتحت البوابة حتى اخترقت جسده فدفعته دفعا إلى الداخل ليكمل عليه من بالداخل من الامن..ليصير جثة هامدة بعد ثوان.. اهتز المسجد من الداخل..الجميع بتكبيرة واحدة..الله اكبر.. يا أعداء الله ..دمه في رقابكم.. زلزل من بالخارج من شدة الصعقة عليهم..

ظل الجو هكذا ملبدا بغيوم دخان الرصاص والقنابل..حتى راح من راح مفلتا من يد الأمن ..واعتقل من لم يستطع الهرب..وقتل ذاك الرجل لأنه نادى الله أكبر..مات شهيدا..

كان هادي من الذين هربوا.. من الموقف نعم..لكن ليس من الفكرة التي تعمقت داخله وآمن بها..بعد تلك المسيرة.. يبدو أن زميله ذاك عب حق..ليسوا جماعة إرهابية ..ولا متطرفون..هم دعاة حق يواجهون الظلم من دعاة الباطل الذين يحكمون الوطن..كلمات هادي هي هذه التي حكاها لأهله عندما عاد إلى البيت..

تغيرت نفس هادي تماما..كانما كانت هذه المظاهرة لتغسله من داخله تماما وتغير تفكيره.. لن يكون متطرفا..ولا إرهابيا ولا حتى سيكون مع هؤلاء الذين هم على حق كما وصلته القناعة..لكنه على الأثل سيكون روحا أخرى بعد اليوم..

تأهب هادي للإمتحان غدا.. غابت شمس ذاك اليوم العصيب..وغاب كذلك قمره..وسطعت أنوار شمس الصباح يوم السبت.. هادي في الكلية الآن ينتظر موعد الإمتحان..تقف إلى جانبه آية..دخل يومها الكلية..بحث عنها..راح يتكلم إليها ويحكي لها ما كان ويخبرها بما في نفسه..حين تضحك وحين آخر تقطب وججها..وآخر اللحظات قبل تمام التاسعة صافحته للمرة الأولى بيدها معلنة له أنها فخورة جدا بفكره وما كان منه .. (أنا لما زعلت المرة اياها دي كنت بس خايفة عليك..لكن باين عليك جدع وقلبك قوي..أنا بحبك قوي ياهادي..وهأفضل جمبك..) ابتسم لها..وراحا سوبا لجنة الإمتحان.. فماذا سيجري على ورقة هادي ؟

18 التعليقات:

سنووايت يقول...

أول تعلييييييييييييق
للمرة الأولي

حقيقي جت عكس ما توقعت خالص
بذرة جديدة في أرض جديدة يطأها هادي
واجمل ما في الأمر ان اية وقفت الي جواره

رندا يقول...

ياالله

هكذا يفعلون فى المظاهرات مع ان جميع الدول يتظاهرون ولكن التظاهر عندنا معناة الرائ الحر وهكذا يخرسون الرائ بطلقات النار

ارحمنا يارب

اين وحدة العرب اين الوحدة العربية ذهبت
اين الكلمة المسموعة
اين واين لازالت كلمة اين تائهة وسط
استشهاد الشباب فى المسيرة
ولازالت فلسطين مكبلة باسوار العدو
ولازالت باقى الدول تنتظر دورها القادم
ولازالت العراق تصرخ الما
ولازالت المسيرات اضعف الايمان

انا فى انتظار البقية
لاننى تعايشت معك ومع احساسك واسلوبك الراقى

كل الاحترام والتقدير

رندا

أميرة يقول...

انا لله وانا اليه راجعون :(

هو باين اليوم كل كتاباته تقطع القلب:(

علي فكرة اختياره و تفكيره صعب التحقيق .. بس هنشوف بكرة هيعمل ايه

:)بالتوفيق

موناليزا يقول...

جميل انه كان عارف راى اهله وعشان كده ماقاللهمش
قصة واقعية
بالتوفيق دائما

غير معرف يقول...

لو بعد كلامها ليه لو محلش كويس يبقى تغير بطل الروايه دى..طبعا لما حبيب يوقف جنب حبيبه ويسمعه كلام مشجع كده ده لازم يدى احسن ما عنده ..بالتوفيق دايما وكل عام وانتا بخير..فى رعاية الله وامنه.

Unknown يقول...

واقعية جميلة تحدث كثيرا ولكن أرى فى فكر هادى بعض التناقض هل سيكون لهذا التناقض باع فى الأحداث القادمة وردود فعل آية أيضا فيها تناقض شوقتنا للقادم

Unknown يقول...

سنووايت
شفتي بأه بس يارب تكون عجباكي كملي وهتتبسطي قوي منها..

رندا
سعيد جدا زمبسوط قوي بزيارتك دي هنعمل ايه بأه دي حال البلد والدنيا..ياريت تكملي الرواية للنهاية

أليس في بلادي العجائب
ها والله هي جت كده...الأحداث دي هتغير في حياته تمام تابعي وهتشوفي

موناليزا..
كل ودي بسطني قوي حضورك..كملي بس وهتعجبك أكتر

عايزا أتطلق..
كل ودي..هو يعني لما واحد يسمع كلام زي ده يعرف يحل ف الإمتحان..ده رأيك وده رأيي وهنشوف ايه الي هيجرى..


egyboy
تناقضات نعم لكنها مقبولة قليلا..ليه بأه لإن واحد في الظروف دي لازم يكون متلخبط..خير بس انت كمل وهتتبسط قوي

ياقوت
هأردلك تحت التعليق ده رد خاص بيكي..ماشي

PrInCeSS BeRy يقول...

سبحان الله ربنا يسترها علينا مؤثرة اوى وفى انتظار البقية تحياتى

ميرام يقول...

أول زيارة لي لمدونتك ..
وتمنيت لو أني عرفتها سابقا ...

سردك ممتاز ..واسلوبك رائع ..
بانتظار البقية ..
متابعه .
دمت متألقا .
تحيــــــــــــاتي

الريم يقول...

يا استاذ كانى اتكلم بجد انا مش مصدقة انك عندك 19 سنة معقولة كل لافكار ديه والموهبة بجد ربنا يحرصك واتنبا لك بمستقبل باهر

yoyo يقول...

قصة فى منتهى الواقعية دا الواقع اللى احنا عايشينه بقى هنعمل ايه
اسلوبك فى السرد رائع جدا
انا فى انتظار الجديد
دمت مبدعا
تحياتى
يويو

Unknown يقول...

ماشاء الله بجد

كتباتك حلوه

(:

(Joudy) يقول...

رائعة وحقيقى لازم تجرب انك تنشرها اكيد هتلاقى كتييير يعجبوا بيها لان بصراحة مش كل اللى بيحبوا القراءة عندهم نت او حتى كمبيوتر فياريت بلاش تحرمهم من حاجة جميلة زى دى انهم يشوفوها ويستمتعوا بيها .
وبصراحة دى أول مرة ازور مدونتك جميلة جدا بل اكثر من رائعة وبصارحة فاتنى نصف ان لم يكن عمرى كلهلانى لم اراها من قبل واتمنى لك دوام الاستمرار والابداع.
وتقبل مرورى.

رحــــيـل يقول...

ايه ده هى البت دى مجنونه ولا ايه
هههههههههههههه
طيب كويس ان ده كان موقفها واناه قررت تقف معاه
مواقف كتير ممكن تغير فينا بشكل كبير

فى انتظار البقيه

فى لقاء للمجموعه من المدونين يوم الاتنين القادم فى مكتبه بوكس اند بينز الساعه رابعه العصر
اتمنى انك تشرفنا

تحياتى لك

فراشة البساتين يقول...

بص بقى

انا مش هقولك

اقطع سلسلة القصة

بس عايزة اقولك ليك تاج واجب عندى

لازم تجاوب عليه

فى الوقت اللى يعجبك

اتفقنا

---------------------------------
على فكرة عجبنى جدا

تطور الاحداث الواقعى ده فى القصة

لدرجة انى ما بقيتش عارفة اتخيل نهاية معينة

فى انتظار البقية

غير معرف يقول...

ازيك يا استاذنا عامل ايه ان شاء الله تكون بافضل حال انا جيت اهنيئك بشهر رمضان الكريم كل رمضان وانتا بالف خير وربنا يوفقك دايما ان شاء الله ودير بالك على حالك ايه رايك فى الجمله السورى دى ..دى فوايد الدراما السوريه ..استمر فى ابداعاتك وبالتوفيق دايما..فى رعاية الله وامنه..

Unknown يقول...

ياقوت
كل ودي لك أولا
شاكر تعقيبك ونقاشك وأسعد به كثيرا..
أولا يبدو أنني قد فهمت أسئلتك السابقة فهما خاطئا لذلك أجبت بطريقة غير موفقة فأعتذر

ثانيا أنا لم أهجر مدونتك ولكني شغلت كثيرا حتى أنني أطلت الغياب عن مدونتي ذاتها.. وكذلك أعتذر

أما عن الرواية..شخصية هادي شخصية متقلبة مرهقة من التفكير تحيطها ذئاب الواقع ومبادئ الحياة..لازم يكون متردد كده هو أصلا عاطفي قوي فلما بنوتة تقوله كلمة لازم يدوب طبعا..وبعدين هو مؤمن بفلسطين وحريتها وكده فلازم لما يشارك في مسيرة زي دي تغير في حياته

حكاية إن الرواية تدور على محور العاطفية البحت فهو الشيئ الرئيسي لغرض الرواية والبقية تحبيشات بلغة العامة يعني.. أنا حبيت أحكي يوميات منها الحقيقي ومنها الخيال..أرسم شخصية تكون مقنعة في الواقع بس هي خيال..عاوز أوصل معاني يمكن في كل حلقة بتلمسي واحدة منها..

يمكن مجاوبتش صح المرة دي كمان بس سامحيني على قد فهمي..
لك كل ودي ومنتظرك دوما وياريت متهجريش المدونة..

رحــــيـل يقول...

تشرفنا ان شاء الله يوم الاتنين
شوف حضرتك هو انت اصلا هتدخل المكتبه بيكون فى مجموعه من المدونين موجودين انت اول ما تدخل هتلاقى ميت حد بيسال اسمك واسم مدونتك وهتتعرف على كل الموجودين ان شاء الله

شكرا لك لتلبيه الدعوه
تحياتى وتقديرى

 
') }else{document.write('') } }