ظلت أيام الإجازة تمضي يوما بعد يوم.. يخرج هادي ليخاطب البحر كعادته أو يذهب إلى أحد النوادي مع نفسه .. كل ذلك وهو في رحلة مع افكاره..هدنة بدأها مع روحه بعيدا عن أجواء الكلية وعن آية خاصة..ليعرف هو ماذا يريد ؟ وهل يمكن أن يستمر على هذا؟ لا يعرف ما ذا يخبئ القدر له من أشياء قد تغير في حياته.. ظل هكذا حتى انتهت أيام ذاك الأسبوع.. الفصل الثاني سيبدأ بعد يوم واحد.. سمع أصحابه يقولون أنهم لن يحضروا الكلية أول أسبوع بأكمله لكنه مل وسأم ..قرر أن يذهب..مؤكد سيجد أحدا هناك..حتى ولو أنهم ليسوا من دفعته أو من قسمه وهذه فرصة كما قال لنفسه ليعرف أصداق جدد..
خرجت شمس يوم الأحد من خبائها..اليوم الأول في هذا الفصل الدراسي.. انتظر حتى كانت العاشرة بقوة صبر نافذة لم تعد على الإحتمال قادرة..ارتدى ملابسه..وراح خارجا ..استقل سيارة أجرة..متجها إلى كليته التي أحبها من عشرة شهر وأيام .. وأخيرا..دخلها بعد أسبوع..
نظر هنا وهناك..يبدو أن الحضور قليل جدا..الموجودون يجلسون تحت المظلة على كراسي الإستراحة..اشترى من الكافتريا قارورة ماء..وحبات لبان..ثم اتجه إلى المظلة وانتقى كرسيا جلس عليه..قليل من الوقت ..لمح أحدا يعرفه معهم في الدفعة..أسمه حسن..قام إليه مسرعا..ناداه ..سلما على بعضهما ثم دعاه للجلوس معه.. جلسا سويا يتبادلا أطراف الحديث .. انبسطت أساريه شيئا فشيئا..كان هذا حسن كما يقولون (ابن نكته..دمه خفيف يعني) وهادي يحب الضحك كثيرا حتى وإن كانت نفسه تتألم.. جلس يحكي له ما يعرف من نكت و..و.. ثم تغير مسار الحديث إلى الفتيات لأنهن كن الأغلبية في الكلية يومها.. تحدثا عمن يرون منهن..هذه ماذا تفعل وتلك ماذا ترتدي وأخرى كيف تحدث صديقها..و..و.. أحس هادي أنه نزل من عين نفسه عندما فعل هذا..لكنه وجد متعة فيه..ضحك ليس إلا.. كلما نهى صاحبه عن ذلك..ٌال له (ويعني انت شفتني قمت جبتلك بت تقعد معانا ياعم فكها بأه) ..
كانت فتيات بمعنى الكلمة..الواحدة منهن كانها تدخل قاعة سينما أو صالة كازينو تسهر فيه مثلا.. وجوههن يملأها الماكياج وأصواتهن تملأ المكان..ضحكات وكلام بصوت عال.. سمعا واحدة تتحدث مع صديقها..يبدو أنه حبيبها..تغازله بطريقة عجيبة..صوتها مسموع..وهي تائهة في عالم آخر..وأخرى واخرى..
جذب صاحبه من يده وقاما يتمشيان بعيدا عنها وعنه حتى لا يشعرها بالخجل ..شيء صعب أن تفعله فتاة ...
طلب من حسن أن يرحلا عن الكلية فقد مل الجلوس فيها..أبى هو أن يذهب وتركه يرحل وحده... وراح يسير في الكلية هو.. طلبة وطالبات يأتون ويذهبون وهو مازال موجودا.. ذهب لينقل جدول المحاضرات ..
وقف ينقله بكل أدب فالمكان كله فتيات ..الشباب قليلون جدا.. لم يجد معه قلما يكتب به...اضطر أن يطلب من فتاة إلى جواره..أعطته بكل أدب.. انتهى من نقله..التفت يمينه ويساره فلم يجدها...يبدو انها نسيت أن تأخذه..راح يبحث عنها..ثم يعود مرة أخرى لنفس المكان كي يجدها..حتى عثر عليها على مقربة من استراحة الفتيات.. نادها..يا ...لو سمحتي..التفتت إليه..اه قد نسيت شكرا.. عفوا بكل أدب ..وراح منسحبا..نادته..معذرة ولكن هل يمكنني سؤالك عن شيء..تفضلي.. في أي قسم أنت...إعلام ..اه أنا أيضا في إعلام. أنت في أية فرقة؟
مازلت في الفرقة الأولى.. أنا في الثانية.. يبدو عليك شيء غريب..ماهو..أقصد ماذا يبدو.. ؟ مرتبك أليس كذلك..لا بالعكس سعيد جدا بحديثك معي.. أستأذنك في شيء إن شئت أو على راحتك..تفضلي.. هاتين اللتان تقفان هناك صديقتي ..لكن ستذهبان الآن وأنا أريد أن أبقى بعض الوقت هنا.. تجلس معي.. تعجب من الطلب واستغرب بشدة..قال في نفسه..لأم يكن قلما حتى يفتح بابا هذا أوله.. أردفته القول..لا تريد أليس كذلك..لا بأس أشكرك..أحس بالإحراج..لا لا كيف أسعد بهذه الفرصة جدا..كما تشائين.. إذا حسنا سأذهب أودعهما ثم أعود لك.. كان في دهشة وحيرة غريبة كيف ولم ..وماهذا الذي يحدث معه..لست جميلا أو جذابا لهذه الدرجة..ليست لدي العوامل التي تسحر كل من أتحدث معها لثانية واحدة..يبدو أنها ابتلاءات وامتحانات ليس إلا.. فكر أن ينسحب بهدوء دون أن تراه..لكن بعد فوات الأوان فقد عادت مرة أخرى..
ذهبا سويا يجولان في أنحاء الكلية..هو لا يبالي بشيؤ يسمع مال تقول ويرد عليها..عرفها بنفسه فعرفته كذلك بنفسها..حكى لها أنه كان في الإمارات و...و.. جلست تستمع له..وجده لطيفة حلوة الكلام ليست كما ظن فيها.. بعد حديث طال وهما سويا كشف عن شيء كان مجوهلا له..بنات مصر هن هكذا..أو ليس كلهن لكن كثيرا منهن أمر الحديث مع الشباب خاصة في الكليات أمر عادي جدا ليس فيه ما يحرج إحداهن..
هي اسمها دينا .. في أقل من ساعتين أصبحا صديقين..يبدو أنك يا هادي ستؤمن رغما عنك بصدلقة الفتيات.. ليس لها شأن عنده سوى الصداقة.. ودون أن تطلب منه..اعطاها رقم هاتفه المحمول..ليس خيانة لآية..لأكنه وجده امر عادي.. ثم إن آية يومين كاملين مضيا دون أن تتصل فقط يضوي هاتفه فجأة دون أن يطلق صوتا..ينظر..إذ بها رنة من آية..ربما يكون رصيد هاتفها قد أوشك على الإنتهاء..
يبدو أن هادي كان مذبذبا قبل أن يتحدث مع دينا..لأكنه الآن في قمة الإستقرار..وصل إلى حل لشتاته.. سيوطن نفسه ويعيش الواقع ويحلم بالمستقبل..يشارك الناس حياتهم ويحاول أن يساعد في بناء العالم المتهدم في نظره..يرتبط بصداقات مع فتيات وشباب في الكلية..ليس عيبا المهم أنه سيبدأ رحلة التغير فيهم هم..يحاول أن يجذبهم إلى ما يراه صوابا ويبعدهم عما يفعلون مما لا يليق بهم..خاصة معشر الفتيات لأنه أبصر نفسه موجود بينهن فليكن رسول خير لا نذير خطر..
بعد أيام..اتصلت به آية..اتصال كامل..ساعة كاملة على الهاتف..تحدثه أن والدتها أصرت أن يبقو في القاهرة..لهم بيت هناك..وأنها لن تأي إلا أيام الإمتحانات..جعلت تحاول أن ترضيه وتقنعه أن ذلك رغما عنها.. وهو مقتنع بذلك تماما.جعلا يتبادلا كلمات الهيام.. (هتوحني وهتوحشيني وكده يعني).. ولكن هيهات أن يبقى حب في قلب طالما لم ترى العين الحبيب.. يبدو أنها ستكون الهاوية لحب لم يدم اسبوعين أو ثلاثة.. هو لم يقل هذا وهي كذلك..مازالا يشعران بنشوة الحب ووحشة قاتلة في قلبيهما لبعدهما عن بعض..ولكن العقل يقول هذا.. خاصة وانه قد عرف غيرها..لم يخبرها كي لا تخاصمه..لكنه الأيام ستدور وتعرف شاء أم أبى..
بدأ الفصل الثاني..تمر ايامه وهو يذهب كل يوم لا يغيب عن الكلية أبدا..كل يوم يعرف أحدا..شبابا وفتيات..لأم تتح له الفرصة في الفصل الاول ذلك لضيق الوقت..لكنه اليوم كون صداقات عديدة..حسن وأمير وكريم وإسلام وإيهاب ..ِباب معه عرفهم في أيام قليلة.. أمير هذا يسكن على مقربة منه توطدت علاقتهما وصارا يذهبان سويا إلى الكلية..
عرف أميرة وجهاد..ونورة ونجلاء ومنى.. وهدى وعزة و أمل.. صارت له عزوة من الأصدقاء..لكنه اختار الحديث دوما والوقوف مع أميرة وجهاد.. لأنه وجد نفسه معهن في راحة شديدة.. كاد يتعلق بأميرة..بل تعلق بها.. هي جميلة المحيا..باسمة الثغر لطيفة رقيقة..ربما تكون كل الفتيات على هذه الوتيرة..إن كن كذلك فسيذوب حبا على نفسه.. أخيرا اقتنع أن هذا ليس حبا إنما مجرد إعجاب..حتى أن نفسه صارت تترك الإتصال بآية أياما ولا تشعر بوحشة قوية..لم يتركها لكنها وهو بردت مشاعرهما فصارا هكذا.. وعندما فكر في أميرة صدمه القدر عندما علم أنها مرتبطة ومخطوبة .. قرر أن يكون صديقا لها ليس إلا..
تغيرت حياة هادي في هذا الفصل الدراسي بعدما عرف هذه الصداقات الكثيرة ..انغمس في جو الكلية وعشرة الأصحاب.. ونسي ما يخفيه القدر له مما فعل.. في يوم كان في الكلية..لا يلقي بالا لشيء صافي الذهن ورائق البال.. وفوجئ أن نتيجة الفصل الاول قد ظهرت..فاهتز قلبه بشدة..وارتعد وراح ينتفض..راح مع أصحابه كلهم ووقفوا أمام غرفة الكنترول.. الدقعة كلها هناك..وغيرهم ممن ظهرت فضائحهم كما قالت إحدى الواقفات..
ينظر إلى مشاهد غريبة ..تلك ترى نتيجتها فتسقط أرضا..وتلك تختنق من البكاء..وأخرى تزغرد على بوابة الكنترول عندما تعرف نجاحها غير المتوقع أبدا.. وهو ينتظر.. كان معه يومها صديقه إبراهيم..لم يعد صديقا بحق لكنهما يعرفان بعضهما..جمعوا أسماء من يعرفون واسميهما..كتبوهم في ورقة..وأخذوا من كل واحد خمسة جنيهات..وتكلموا مع حارس الكنترول وأعطوه ما جمعوا من جنيهات ملفوفة بورقة الأسماء..فوعدهم خيرا..ودخل إلى الكنترول..وغاب طويلا هناك..وهم في انتظاره.. أثناء ذلك..كانت حنان صديقة هبة قد عرفت نتيجتها..المادة الأولى التي انتحنوها..ترجمة إعلامية..كانت قد سألته فيها قبل الإمتحان في حضور آية طبعا.. وهو أساسا لا يفقه في الإنجليزية شيئ.. فلما عرفت أنها مكملة فيها(رسبت فيها) راحت ترميه بكلمات ساخرة منه..و تقول حسبي الله ونعم الوكيل وكأنه هو من حل لها ورقة الإجابة..
قليل من الوقت وكانت بين أيديهم ورقة النتيجة الخاصة بهم..هو..صدم عندما رآى نفسه قد رسب في الترجمة وبقية المواد حصل فيها على امتياز لا يقل عن 18 من 20 في كل مادة..احترق قلبه من هذا..وقف عاائدا لبيته محترقا لما عرفه.. ومعه أميرة وجهاد..نزلا الموقف ..أكملتا إلى بلدهما..وسار هو لبيته القريب من الموقف..
يبدو أنه مكتئب جدا..
هل يا ترى سيؤثر فيه هذا أم سيكون دافعا له هذا الفصل لينجح في جميع المواد بما فيها الإنجليزية وبامتياز أيضا؟ هل سيخفف من انغماسه في بحر الكلية وعالم أصحابه أم سيظل كما اختار أخيرالنفسه؟ هل ما يفعله وما وصل إليه بعد تفكيره صواب أم خطأ؟ ربما وربما..
9 التعليقات:
السلام عليكم
هو لسه فى اولى وياما هيشوف الدنيا والمواقف بتعلم كتير
مستمتعه جدا بالقراءه والمتابعه
بالنسبع لمعاد يوم الاتنين بتاع مدونى الدقهليه هو تأجل يوم الاربع اسفه جدا انى معرفتش ابلغك لان النت كان فاصل عندى
انا مش عارفه بقى انت روحت ولا لاء بس احنا قولنا تحسبا لاى قلق يوم الاتنين يتأجل المعاد احسن لبكره
وكأنني أري هادي
بجد هادي صعبان علية جدا
لانه بيمر بمرحلة انتقالية في حياته
وبيجرب كل يوم شيء مختلف وغريب , لازال تائه وحائر بس اعتقد انه بدأ يفكر ويقرر أو يفكر في اخذ قرارات
سعيدة انه أدرك ان اللي بيحصل ما هو الا اعجاب وسعيدة انه بدأ بختلط بأصدقاء مختلفين ويوسع دائرة معارفه دا هيساعده كتير انه يفهم اكتر ويمر بتجارب اكتر
ياتري ايه اللي هيحصل؟؟
ياريت مش تغيب علينا بالحلقة الجاية
عزيزى كاتب مصرى
الحقيقه اعجبنى شجاعتك فى وصف ان من بعيد العين يكون بعيد عن القلب او بتعبير اخر تهدا عواصفه فى القلب
ومع ذلك هذا لم يحدث معى اطلاقا لقد ظللت مرتبطه بشخص لمدة سنتين لم اره فيهما لحظه واحده
وكان يكفينى سماع صوته عبر الهاتف لتنير الدنيا فى عينى وتشرق شمس وجهى كلما تسرب الى اذنى صوته
الحمد لله جمع الله شملنا بزيجه وان كنت مازلت لا اراه
سؤال
انت منين؟
سلامو عليكم
حاله التردد اللي هو فيها طبيعيه جدا
وبتحصل لناس كتير جدا مكانه خصوصا انه جاي من بره مصر
ولسه ياما حيشوف
اما مشاعره
فايه مش حب
ولا اي واحده
دي ممشاعر عاوز يعيشها وخلاص
انا مستنيه الحلقه الجايه
رحيل...
شكرا جزيلا لمرورك..سعدتك بك..تابعيني الحلقة الأخيرة اقتربت والتالية لهذه ستعجبك حتما..كل ودي
سنووايت...
أجمل شيئ في العمر لما الإنسان يفتكر لحظات زي دي مر بيها وكان تايه فيها ازاي وازاي هو بقى اللوقتي راسي وعاقل ومستقر.. كل ودي..تابعيني
قلوب بتغني..
سيدتي الفاضلة..لكل قاعدة شواذ ولا ايه أنا مثلا لو عرفتي حكايتي هتتعجبي..
كل ودي..تابعيني
زفته وقطران...
كل ودي وشكرا على المرور الجميل ده..[س هو ليه مش بيكون علطول ..كل ودي .. تابعيني
مش شرط الحبيب لو بعد عن المحبوب انه ينساه بالعكس بتفضل روحه وتصرفاته وذكراه عايشه يعنى عمره فعلا ما البعيد عن العين بعيد عن القلب زى ما قلوب بتغنى قالت...ربنا يوفقك وانا مستنيه نهاية الروايه دى عشان نشوف غيرها ربنا يوفقك لك خالص تحياتى واحترامى..وكل رمضان وانتا بخير للمره المليون..
السلام عليكم
نقول فى هذه المدونة الطيب أهلها
هناك فرق بين الحب
والحتياج إلى الحب
ما معن
كاد يتعلق بأميرة..بل تعلق بها..
وقولك
وعندما فكر في أميرة صدمه القدر عندما علم أنها مرتبطة ومخطوبة .. قرر أن يكون صديقا لها ليس إلا..
فإما ان يكون انانيا بالفطرة
وإما ان يكون
مريضا بعلة
الاحتياج للحب
شفاه الله وعفاه
استمر فأنت رجل صريح
ممكن الان
نخمن النهاية الجميلة
شكرا لمرورك عندى :)
المدونة جميله هاروح اكمل قرائتها بئه
تقبل مرورى
ياقوت
لك كل ودي ..مظنش انك هتتوقعي أحداث النهاية لأنها هتتحول قوي في الحلقة14 تابعيني وهتشوفي
تحياتي
صفا
شكرا لمرورك سيدتي الكريمة
كل ودي
إرسال تعليق