هرتلات شاب فاضي 5

( 1 ) أشتاقك يا شام العروبة

عشت طيلة حياتي أشتاق لقدمي أن تطأ مكانين ولعيني أن تبلغ مبلغهما ، وعكسما يشتاق الدمشقيون والمصريون وكل المسلمين في أقطار الدنيا زيارة الديار المقدسة فقد كنت أنا ممن أنعم الله عليهم بالنشأة فيها ، تمنيت أن أبلغ عاصمة خلافة الأمويين ، وإلى مصر عاصمة الدنيا كلها ، وقد وطئت أرض مصر وجلت فيها وصلت ، وبقي الشوق إليك يا شام العروبة ، أذوب في أحلامي و أراني وكأني أشنف آذاني بلحن أهل دمشق .. أخطو بين حاراتها وشوارعها .. أجول في جامع الأموين وأطوف في حرمه ، أمسي وأصبح بين أحضان شام الأصالة والعروبة ، حتى ولو أن بردى أصبح طفلا أمام النيل فيبقى هو هو ، و إن كانت المدَنِيَة شقت طرقا وأقامت بنيانا أرى شبيها له في مصر إلا أن أهل الشام آتهم الله روحا رائعة فنية رقيقة ، و هل توصف دمشق ؟ هل توصف الجنة لمن لم يرها .. "سأروح كل مكان فيكِ يا جنة الله في أرضه .. وإن لم يكفي الحين فسأمد فيه حتى أغمر نفسي في كل بقاعك .. فهل سيطابق التاريخ ما تقع عليه عيني مما بقي فيكِ من جمال ؟ ، كم أتمنى لو أخذتني الريح إلى ديارهم .. إلى قاسيون وإلى تدمر ، هناك تختصر الساعات في لقطات الجمال و يضيع الملل في راحة النفس وصهللة الفؤاد .. أيكتب لي أن أكون يوما هناك .. أتمنى ذلك .

( 2 ) عجوز الكاس

جلس إلى جواري .. كنت متكأ على نافذة القطار و في مقابلي سيدة معها ابنتها ذات الطول الرائق والوجه الحسن ، وراح القطار يتأرجح بنا على قضبانه ، وذاك العجوز يتكأ على كتفي تارة ثم يشعر بسأمي فيرعوي قليلا ثم يعود ، وتارة يحاول مجاذبتي أطراف حديث سخيف لا أحبه " هو الأهلي عمل ايه امبارح .. ، طب هو انت منين .. ، حد مسافر معاك ولا انت لوحدك " ، تصنعت النوم وكأنه ارتاح لذا التصنع و ألحم يده بيدي بطريقة الـ" أنج جي " - كما يقول أصحاب الألسنة المتفرنجة – وبقيت أنا أفتح ربع عين كلما وقف القطار في إحدى محطاته .. ولما أكرمنا الله بالوصول أخيرا وحسبت أني قد خلصت منه ، فوجئت به ممسكا في راغبا بكل قوة أن " تعالى اتغدى معايا طالما انت لوحدك .. يا سيدي مش هينفع مرة تانية .. لا مش هيجرى حاجة .. يا عمنا سيب ايدي دي قلت مش هينفع ورايا التزامات .. طيب تشرب حاجة باه مش هينفع .. " ولما كدت أختنق منه نويت أن أشرب ما يكون ثم أنسل هاربا ، وتلك كانت خياراته لي " عاوز حاجة عادية ولا تقدر ع التقيل " أصابني الذعر من كلامه " تقصد ايه يعني مش فاهم " يعني بيرة ولا حاجة تروقك أكتر " شعرت أن النار تأكلني مما سمعته من عجوز الكاس " لا لا انت اتهبلت يا جدع انت .. أنا ماشي " .. فلحقني ذاك المجنون " طب تعالى روق مع واحدة كده ولا حاجة وبدون شرب " – الله يخرب بيتك يا ابن الـ .. هو أنا شكلي يدي لكده بردو – وأخذت الطريق جريا من محطة مصر حتى المكان الذي لا أعرفه مبتعدا عن ذاك الأشيمط المتصابي ، عظيمة يا مصر و عمار يا اسكندرية .

( 3 ) حتى أنت أيها البحر

جلست على شاطئه أنظر الأمواج الخفيفة تارة والعالية تارة ..تقترب الموجة مني تداعبني ثم تقفل عائدة ..وكأنما تدعوني للمرح معها .. لم أستطع أن أتمالك نفسي فحب البحر في أعماقي ، منظره الساحر أخذ بمجامعي .. كانت جلسة للتأمل والسفر مع أحلام القلب لما وراء البحر.. قليل من الوقت وحللت نفسي من كل شيء يثقلني و لم يعد على جسدي سوى ذلك (الشورت القصير) واقتربت منك يا بحر.. رحت أخطو تلك الخطوات الأولى ، هي المرة الأولى التي يلمس جسدي ماء البحر في حياتي كلها.. لم أكن أشعر قبل ذلك بتلك المتعة بل كنان حبا تملأه الرهبة والخوف ، ولا أدري هل خلعت الخوف مع ملابسي يومها ، ربما كانت الحاجة للراحة في التي جذبتني إليه .. أو بما كانت الرغبة في الغياب بين أحضان .. أي أحضان .. المهم أن أرى من يحتضني لأبث له همي وألمي..شكوت وبحت له بمكنوني وأنا أعد خطواتي داخله ..حتى صرت بين أحضانه فعلا لا أرى من جسدي شيئا ..لم يعد غير رأسي في الهواء فقط .. ما أجمله من شعور .. هل دخل أحدكم أحضان البحر قبل ذلك؟ لن تجدو أحن منها أحضان..عندها ذقت نعيم الحياة..أحسست ببهجة.. ورحت أتذكر وأفتح له صفحات قلبي ، رأيت وجهها يتحرك مع حركت الأمواج وجه مغرق قي الجمال ..تعلوه الرقة وتشقه الإبتسامة العذبة .. قبلت صورتها .. قبلت ثغرها الباسم في ماء البحر .. أحسست بنشوة رائعة و لذة الحب التي سقت جسدي رعشة ما ذقت مثلها قط .. رأيتها ترقص طربا .. أحسست بك يا بحر تربت على كتفي وتحنو علي .. تزيد من إحتضانك لي ، عشقتها نعم وأتيت أبثك همي من بعادها ..لكنها الأقدار تأتي بما لا أشتهي أبدا ، دلني و أرشدني ، حينها جعلت الأمواج تلفني وتحكم الدوار حولي .. خارت كل قواي .. كأن ماءه المالح يغسل ما في نفسي ..كأنه يزيل عتمة بداخلي ، فتأتي الموجة العالية تأبى إلا أن تغسل رأسي وتخص وجهي فتصطدم به أولا لتمحو غشاوة الزمن من عيني ..بعدها رأيت الحياة بمعنى آخر.. ولمست هدوء البال وراحة النفس.. آه يا بحر..كم أحتاجك اليوم كثيرا ، و ما إن فارقته حتى استعادت النفس ألمها وبث الشقاء في قلبي خيوطه .. الحل أن أعيش طيلة حياتي مبحرا !!

3 التعليقات:

sweet angel يقول...

غريب ان لا أجد أحد في مدونة كهذه

ولكن أعتقد أن هذا يرجع الى أنك لا تزور مدونات كثيره أو أصلا تزور
حتى أنا .. لولا معرفتي الشخصية بك لم أكن لآتي هنا حيث اني لم أجد لك أثر في مدونات بلوجر
وحصلت على رابط المدونة من محركات بحث بلوجر

أعلم جيدا أنك لم تعد ترى وجودا للمدونين بحق لكن صدقني هناك الكثير من المدونات الرائعه في مجالها

رجاء .. أعد حساباتك وابحث من جديد عن مدونات تستحق القراءه

sweet angel يقول...

تعليقا على هرتلاتك

‏(2)
العجوز ذو الكأس وأمثاله هم من دمرو حضارتنا وشبابنا
فلتنظر .. أنت وقد رفضت ولكن الكثير غيرك يقبل " ولا تعليق "

الهرتلتان الأولى والأخيره لا تحتاجان لتعليق

sweet angel يقول...

آه
أنا روحت كمان شوفت المجله
بجد حاجه جميله

ربنا يوفقك

 
') }else{document.write('') } }