و ابـتـسـم الـقـدر (تتمة)

سكبت عينها دمعات حارة على خدها البريء وهي تتكئ بظهرها على باب غرفتها تغلقه.. دخلت البيت دون أن يشعر بها أحد .. رمت جسدها على فراشها تخرج حرقة قلبها في تنهيدات ودمعات وآلام مكبوتة..راحت تراجع نفسها وتعيد بذاكرتها شريط حياتها "ما الذي فعلته حتى يكون هذا قدري ؟" ما أقسى الألم عندما يشعر المرء أنه مظلوم ممن حوله ولا يستطيع أن يصرخ ببراءته..

هي لم تسرق ذاك الرجل لكنه تمناها ورفضت فاحتال عليها.. لم يكن مظهرها يوحي بأنها فتاة ليل كي يفعل سائق الأجرة ما فعل.. لولا رحمة الله شملتها لكان أحد هذين الموقفين سببا في هلاكها اليوم.."أيكون جزاء فراري بنفسي ضياع أغلى ما أملكه على يد ثورين؟" راحت تتراود الأفكار الشيطانية إلى ذهنها ..أستغل ابليس اللعين ضعفها ليجري على لسانها عبارات شركية يتملكها منها فهو لا يستطيعها حينما تكون بكامل قوتها..

انتبهت الآن فقط أن حقيبتها ليست معها..قد تركتها لذاك الكهل في الصيدلية..راحت تراجع ذاك المشهد الذي دفعته فيه أرضا وخرجت تفر من بين أنيابه .. لم تنتبه لعودة صديقتها ذلك الحين فقد تملكها الخوف والارتباك.. لم تبالي بما كان في الحقيبة مع أنها كانت مصطحبة ذلك اليوم مبلغا ماليا ستشتري به هدية لإحدى قريباتها في حفل زفافها.

حاولت الاتصال بصديقتها التي تعمل عند ذاك الرجل وفعلا..ألو..من؟ أنا فلانة..أتحدث إلي... لو سمحتي..وجدت حينها موشحا أندلسيا صاخبا ينهال عليها ..كانت هي والدة صديقتها..موجز حديثها أن تقطع علاقتها بها تماما فهم لا يشرفهم أن تكون صديقة ابنتهم خفيفة اليد ..زاد الألم عليها واشتد الأمر بقسوة..ما تقول هذه السيدة..خفة يد ماذا وسرقة ماذا؟..هي لا تعرف ما دبر لها ..لم تفهم الكلام ولم تعه..حاولت أن تحدث صديقتها على هاتفها النقال..الهاتف مغلق.. ماذا يعني هذا.؟.الهاتف مغلق ووالدتها تقول كذا وكذا.. فكرت قليلا ثم اتصلت بصديقة لها وحكت لها ما كان فوعدتها أن تفهم لها العبارة من تلك التي تعمل في الصيدلية..وكان هذا.. عرفت الأخيرة تدبير الأمر ممن تعمل عنده وفهمت لعبته الحقيرة..

فطنت الآن تلك الفتاة للعبة الكهل السفيه تحرت أن تأخذ أخاها الصغير معها يوميا إلى الصيدلية حتى ينتهي الشهر وتترك العمل عنده ، لم يعجبه أبدا ما حدث فقرر تصعيد الأمر لأكثر من ذلك..حصل من هاتف ضحية مراهقته المتأخرة على رقم هاتف والدها ..اتصل به.. أخبره أن ابنته قد سرقت منه مبلغا يوم كانت تزور صديقتها التي تعمل عنده..لم يصدق الرجل بداية الأمر يعلم أن ابنته إن اشتهت شيئا كان عندها في التو واللحظة أغلق الهاتف وكأن شيئا لم يكن..لم ياتي المساء إلى وكل من خزنت اسمه على هاتفها قد عرف بالأمر بحجة أنه يريد حقه ليس إلا ..يخبر فلانا ليخبر أهلها وغيره بنفس الحجة.. جرس هاتف المنزل لم يسكت..زيارات من أعمامها وأقاربها الذين عرفوا الأمر..وأصبح حديثها علكة في حلوق الناس وهي لم تفعل شيئا ..ذنبها في الحياة أن دخلت تلك الصيدلية..بلاء عظيم حل بها .. اقتنع أهلها بحديث ذلك الكهل.. صدقوا حديثه مفسرين الأمر بأنه مرض نفسي لم يجعلها تتحكم في نفسها وإن كان معها كنوز الدنيا.. ذهبوا للرجل وراضوه على حساب ابنتهم ..زعم أنها خلت معه في مكتبه متوسلة به أن لا يفضحها وأن يكتم أمرها على أن ترد له حقه أضعافا وأنها قبلت حذاءه وما إلى ذلك مما اختلقته نفسه المريضة..

حاولت تكذيبه أمامهم لكنهم لم يسمعوا لها.. واجهوها به..شعرت بالرهبة الشديدة من أول نظرة إليه..كيف لقلب بشري أن يختلق على أنثى كل هذا..أصيبت لحظتها بالصمم..لم يبالي حتى وإن نطقت وواجهته ..ولم يمهلها القدر هذا بل سقطت مغشيا عليها من هول الموقف وشدته..

نقلوها إلى المستشفى.. أصيبت بصدمة عصبية حادة.. آلامها النفسية حبستها في سجن الصمت ..لم تعرف الكلام لمدة طالت شهورا..خاصمها فيها الجميع ولم يتردد على زيارتها سوى صديقتيها ..

تابع حالتها في هذه المدة طبيب شاب..علم تفاصيل الأمر بدقته من صديقتها التي عرفت حقيقة الوضع .. لم تكن تتحدث إلى أحد أبدا..حاول معها حتى استطاع أن يفك عقدة لسانها..تكلمت وحكت .. بقيت معه يتابع حالتها شهرين... لا تتكلم إلا إليه..تعلق بها كثيرا.. أحب صدقها..براءتها ..أنوثتها..وصفاء سريرتها.. عندما أذن القدر لشفائها أن يتم..تحدث إليها في الأمر.. لكنها خرجت من تجربتها الأخيرة بنفس تحولت إلى مبضع جراح وأحزان.. حاول أن يثنيها عن قرارها لتغير رأيها فيما أراد..لم يستطع إلا أن يخرج منها بوعد أن تفكر في الأمر. وإن قامت لديها نية الارتباط يوما فلن يكون أحد سواه.. اتفقا و حميت صداقتهما..

مرت الأيام وأحداث الزمان تكالبت على قلبها فدفنت تلك التجربة..تكرار حديثها معه علقها به أكثر .. طاحونة الأفكار أدارت حديثه في رأسها..انسلت الأفكار لقلبها لتكون جدارا متينا من مشاعر الحب.. قررت أن تتحدث معه... وفعلا كان.. أخيرا غردت بلابل الحب والراحة على قلبها ..حددا موعد العرس وشاء القدر أن يرسم الفرح على خدها ابتسامة بعد شقاء ..عشقا وسعادة معه هو وحده في مصارعة مع العالم كله من تعرف ومن لا تعرف.

16 التعليقات:

♥..~*شـــوشـــو هـــانــم*~..♥ يقول...

أول تعليق.. هقرا واعلق

♥..~*شـــوشـــو هـــانــم*~..♥ يقول...

مفيش أصعب من إن الإنسان يبقى مظلوم ومش لاقي حد يقف جنبه حتى أقرب الناس ليه..

متألق كالعادة
القصة بجد رائعة رائعة بكل ماتحمله الكلمة من معنى
أكتر حاجة بتعحبني في حضرتك يا أستاذ إبراهيم نهاياتك السعيدة اللي بتنهي بيها القصص ودا إن دل على شيء فإنما يدل على تفائلك بالحياة
عنوان القصة "وابتسم القدر" جميل جدا جدا

************
دمت في تألق
تحيتي لك..

بـسـمـــة صـــــلاح يقول...

الله الله الله
ايه الجمال دا
رائع كعادتك وبترتقي بروائعك كل مرة أكتر من اللي قبلها
عنوان القصه جميل جدا وعاجبني أوي
بتمنالك مستقبل زاهر بالنجاح الدائم
~~~~~~~~~~~

ياااااااااه البنت دي عانت أوي بس إن بعد العسر يسر والله أنا لو مكانها كان جتلي سكتة قلبية ومعيشتش بعد اللي حصل ثانيه
عجبتني كلمة(موشحا أندلسيا صاخبا)
كما أنت دائما متميز وعندي إحساس إنك هتكون حاجه كبيرة أوي
امين يارب
~~~~~~~~~~
دمت بكل ود
تحيـــــــــاتي(:

ستيتة يقول...

جميلة التتمة يا ابراهيم
ياما في الدنيا مظاليم مسحولين من جبروت ابن ادم زيه زيهم

كالعادة كل كلامك جميل
وطبعا لازم تنهي القصة بخاتمة رومانسية علشان خاطرنا احنا الغلابة
لازمن برضه تحسسنا ان الحياة فيها مع العسر يسرا
وفقك الله ومن نجاح لنجاح ان شاء الله
تحياتي

جسر الى الحياة يقول...

الظلم صعب..خصوصا من اقرب الناس
لكن فى النهاية ربنا بيعوض الانسان
القصة بجزئيها رائعة
دمت مبدع دائما وابدا

احساس طفلة محبة للرومانسية بس واقعية يقول...

الله الله الله بجد
واحسن حاجة النهاية السعيدة
حسيت ان النهاية رقيقة جدا وهادية
وكأن مفيش غير هى والطبيب الحبيب

هى اتظلمت و عانت كتير وخاصة اذا كان الظلم من اقرب الناس ليها بيكون مضاعف بس الحمد لله ربنا عوضها

بس بجد النهاية روعة وخففت الالم الظلم والمعاناه اللى عاشتهم

تقبل مرورى

شمس النهار يقول...

الظلم ابشع مافي الوجود
بس شوف الصداقه ساعات بتكون احن من الاهل
القصه محبوكه وجميله
تسلم ايدك

نوري يقول...

حلوه قوي القصه
بس النهايه مش صعبه شويه؟؟؟

كان المفروض يبقي فيه عقاب او اكشن اتجاه صاحب الصيدليه
بس انت انفصلت فجأه عنه وعن كل الناس الي كانت ضدها والي كان الضوء مسلط عليهم
بدون ذكر اي حاجه تتعلق بهم
وكان العالم انتها
عليهم هما الاتنين بس

بس هي بجد رائعه
بس لو راي معجبكش
فانا ليا حريه التعليق والنقد
وانت ليك حريه الكتابه والاستماع

بس حلوه واسمها كمان متفائل
بست وشز فور يو

MaNoOoSh يقول...

والله انا بتعجبنى قصصك جدا يا ابراهيم لان اسلوبك شيق فعلا.. وقصصك لما تبقى فى كتاب ان شاء الله هتبقى اضافة قيمة للمكتبة
ربنا يوفقك ويحميك

ghorBty يقول...

اساس صعب جدا وهو احساس الظلم والاسي

والاصعب لما يتخلي عنك اقرب ناس لك

علشان كدا دايما بقول

احبب حبيبك هونا ما عسي ان يكون بغيضك يوما ما

وربنا دايما مع المظلوم وان مع العسر يسرا

اسلوب رائع في السرد واحلي شئ انه ينتهي بتفاؤل ونهايه سعيده تجعلنا ننسي ما قرأناه من الم البطله

بوركتم

والي الامام

غربتي

aidy يقول...

جميلة اوى تكلمة القصة

خصوصا انها نهاية سعيدة

ربنا يوفقك

تحياتى ,,

Unknown يقول...

قصة مؤثرة عارف
فى كتير بظلموا الناس بسلاسة شديدة
وكأن الموضوع عادى ولا مكان للحساب
على هذا الكوكب
قصة مؤثرة وبنائها قوى
تحياتى لك

وردة يقول...

ايوة كده
البنت ديه اتظلمت اوووي
بس صاحب الصيدلية المفروض يتعدم
ده اقل واجب
بحب اوووي ظهور الفارس علي الحصان ويخطف الاميرة في النهاية
ربنا يكرمك
جميلة اوووي
في انتظار المزيد
سلام

Unknown يقول...

shosho
ربنا يكرمك يا ستي لازم الواحد يتفائل ولو ان الدنيا مش حلوة علطول عشان كده لازم نعيش في خيالنا أروع ما نتمناه في الحياة..
مودتي

بسمة صلاح..
شكرا ع الكلام الجميل ده ربنا يخليكي..هيا من ناحية عانت فهيا اتقتلت معاناه بس ربنا كبير يعني القدر لازم يعوضها بردو..
ربنا يكرمك
مودتي

ستيتة حسب الله الحمش
الأروع من التتمة كلامك الي بيعلي روحي المعنوية ويزودني ثقة في نفسي ربنا يخليكي معلش بأه مقصر في حقك ومش بجيلك كتير مع اني والله متابعك بس الشغل بأه بقيت أقرا البوست عندك على مرات ولما أخلصه أعيده تتني فبتأخر في التعليق وأحيانا مش بلحق بلاقيك ينزلتي جديد آسف بس والله كلية وشغل وحكاية كده دعواتك بأه..
مودتي

جسر إلى الحياة..
فعلا أقسى أنواع الظلم لما يكون من الأهل بتبقى الضربة القاضية..
شكرا لمرورك وزيارتك الجميلة..نوريني علطول
مودتي

إحساس طفلة محبة للرومانسية
ربنا يكرمك ويخليكي طبيعتي هيا الي بتحتم عليا مقفلش الحكاية بألم وعذاب مع اني كنت ناوي على كده بس قلبي مطاوعنيش
نوريني علطول بسعد بزيارتك وتعليقك جدا..
مودتي

شمس النهار..
فرحت قوي لما انتي قلتي الكلام ده ربنا يكرمك أقصد يعني لإنك أم وأكيد حاسة بكلامنا احنا الشباب ومتاعبنا أصل الأهل دايما بيقولوا عن الإصحاب لو كانوا ملايكة شياطين مهما كان معلش بس أنا عانيت كتير يمكن اهل عن أهل يفرقوا
مودتي وياريت تنوريني علطول.


نوري
ازاي رأيك ميعجبنيش أنا بكتب ليه عشان الناس تنقد وتطلع القطط الفطسانة في كلامي مش عشان بس يصقفولي هو ده هدفي من المدونة ومشاركة الناس ليا ربنا يخليكي وتعليقك على عيني وراسي بس كل الحكاية اني انسان يكره الألم ويميل بشدة للرومانسية بتاعت الأربعينات ههههههههههه
مودتي


MaNoOoSh ...
ربنا يخليكي يارب أعتبر ده وعد منك انك هتشتري الكتاب خلاص هانت أهو كلها شهر ونص ويبقى موجود أو شهرين بالكتير.. نوريني دايما
مودتي.


ghorBty...
عندك حق الحكمة دي صحيحة 100% واتلسعت بسبب عدم مشيي وراها كتيير ربنا يخليكي زيارتك والله على عيني وراسي وياريت تكرريها علطول بفرح قوي
أكتر من شكرا مش لاقي كلام والله
مودتي ونوريني دايما..


aidy...
شكرا على مرورك وكلامك الجميل قوي ده..
نوريني دايما..
مودتي

نهر الحب..
يا مرحبا هلت الأنوار فينك مختفية من فترة..نورتيني بجد وكلامك تاج على راسي
ربنا يخليكي يارب
مودتي

وردة..
ربنا يكرمك يارب على كلامك طالما بتحبي الفارس والحصان الأبيض يبقى تابعي البوست الجاي أكيد هيعجبك قوي..هو عبارة عن حلم بس حلو قوي..
نوريني دايما
مودتي

شكرا لكم جميعا ..
مودتي وخالص تحياتي لكم.

أم فريده يقول...

الصابرين على خير

ومن يتم ظلمه يعوضة الله خير بأذن الله
وعادة تكون هذة المصائب ابتلاء من الله عز وجل

جميلة القصة والاجمل ان النهاية سعيدة لاننى لا احب النهايات التعيسة


تحياتى

فتــافيت (رحاب الخضري) يقول...

حلوة اوووووووووي بجد

تسلم ايديك عجبتني موووووووووووت

انت فناااااااااااااان

 
') }else{document.write('') } }