روح بين قلبين

خاصمته الدموع واشتد في قلبه النحيب.. غابت عنه ولم تدلي بسبب لغيابها ..تركت قلبه في حيرته ..روحه في قلق..كيانه في شقاء وتعب..وأجفانه في أرق دائم.. أحبها وأعلن ذلك لها.. سلم رايته لقلبها خضع بكل إحساسه لها صنع من نفسه وعاءً يحتويها ومن عينيه لؤلؤتان أهداهما لها.. كلمة أحبك..كتبت على خده نفقا تجري فيه الدموع.. كله من أجلها..لكنه نسي أنها لا تمتلك مشاعر تعطيها لغيرها.. نسي أنها لم تبق على من قبله وما أكثرهم ..غاب عن ذهنه أن حبه لها سينتهي يوما بخسارة كبيرة له ليس لها..

هي تدرك تماما أنه يحبها..تشعر به وتخفي ما بداخلها له.. لا تملك داخلها سوى استلطاف وإعجاب بشخصيته حاولت مع قلبها لكنه لم يستطع يوما أن يحبه.. فقررت أن تبقي عليه لما أعطاها من حب وحنان ولكن دون أي مبادلة لكلمات غرام أو نظرات حب.. أشفقت عليه ليس إلا..

ابتعدت كثيرا ..أبعدها عنه القدر ليس قصدا منها أو تعمدا لجرحه ..ولأن قلبها لم يحمل له حبا ولأن عقلها لم ينبت هو فيه فكرا نسيت أن تتكلم معه..نسيت أن تخبره أن ما أبعدها هو القدر وتركته يهيم في واحات الألم ويشرب من آبار العلقم و المرار..

لم يتركها ..انتظرها وانتظرها..وبقي في انتظاره حتى أبت الأقدار أن يضيع حبه هباءِ ..

حادثته بعد مده احتاجت لشيء منه.. ما إن سمعت صوته حتى وجدت نفسها غير ما تعرف..قلبها انتقل من مكانه.. روحها كأنها تسلب منها..تنجذب بشدة لصوته كيف ولماذا ومتى لا تعرف أبدا..

حاولت أن تحكم على هذه الحالة لم تجد سوى أنه الحب الذي خلق أخيرا في قلبها .. وهو أول من يكون حبيبا.. فهي لم تعش قبله حبا بل كانت تجارب عادية لمشاريع زواج عادي جدا..

هو الآن يملك كل كيانها..روحها معه وقلبها بين ذراعيه يحتضنه بكل عشق.. إن غاب عنها لحظة لم ترحه من رنات واتصالات أو رسائل تملأها الغراميات..

علمها أنه علم تماما أن قلبها لن يكن له يوما إلا إن كان القدر الإلهي وحده نصيرا له.. لم يهدأ باله ولم يصمت لسانه من الدعاء والتضرع لله حتى انجذبت له مع أن قلبها لم يعرف ما الحب ولا كيف يحب؟

مرت الأيام تلو الأيام حتى أكمل حبهما سنته الأولى ...اخضر عوده ونمى وأزهر وأينع .. نتاجه طفلتان.. في قلب كل منهما براءة أبيهما ورقة أمهما .. يحملان عناصر حبهما المشتركة.. شاءت الأقدار أن يكون نتاجهما الأول توأم أنثوي يرسل به القدر إليه هو رسالة مفادها أن الصبر عاقبته أكثر جمالا من أحلامنا التي نتعجلها..ورسالة أخرى لها هي مفادها أن الدنيا خلقت بقدر الله وليس أكبر منه يسيرها بحكمته حبها له لم يكن يوما بإرادتها فقد حاولت كثيرا إنما كان بإرادة الله..

الحب لا يصنعه البشر ولا تستجديه الدموع.. الحب رسالة بين قلبين يبث فيها القدر روحا ثالثة تعيش نصفين نصف في قلب الأنثى ونصف في قلب الرجل.

( هذه حكاية من بحر خيالي،أحببت أن أرسل فيها رسالة مفادها آخر عبارة فيها )