قـــدر فــتــاة

فتاة اختار القدر لها أن تعيش في بيئة ثرية تنعم بكل متع الحياة ألزمتها قيمها وأخلاق دينها بمبادئ وعادات لا تتخطاها أبدا.. تخرجت من كلية الصيدلة فكرت كثيرا في العمل لكن والدها رفض بحجة أنها ليست بحاجة لهذا ..شعرت بالضيق والسأم الشديدين أصبحت تتناوب على زيارة صديقتها المقربة في تلك الصيدلية التي تعمل بها لتقضي معها أكثر وقتها تضيع سأمها .. رأتها عين صاحب الصيدلية مرة وثانية وثالثة.. حاول أن يتحدث إليها لكنها تفلتت منه ..حار في أمرها لم يجد لها مدخلا أبدا.. هي ليست بذاك التعقيد الذي يمنعها من أن تحادث رجلا لكن سيف الكهولة قد ضرب كيانه وصبغ البياض شعره فربئت بنفسها عن محادثته واختارت أوقاتا معينة تزور فيها صديقتها حال غيابه عن الصيدلية.

غابت لأيام عن عينه ، دار في خلدها أنها أفلتت من بين أنيابه التي تراه مكشرا عنها كلما ناظرها. علم بما تفعل..مرة راقب الصيدلية من بعيد..وعندما دخلت راح وراءها وكأنها الصدفة القدرية تصنعت الإنشغال واستأذنت بالذهاب .. راح ذاك الذي دخل عقده الخامس ورائها وأوقفها وتحدث إليها بلهجة التودد والإستعطاف بكلمات جعلته كالحشرة الصغيرة في عينها فليس لرجل بيهبته أن يفعل ما يفعل حتى وإن كان قلبه تعلق بها بتلك الطريقة ..ردته بلهجة قوية وقلبها يهتز خوفا لكنها تماسكت ، فتغيرت لهجته تماما وانقلب الوجه المستعطف إلى لوحة تهديدات مليئة بكلمات لا يمكن لأذن أنثى أن تتحمل سماعها..أنهى كلامه بقوله"إن لم توافقي على الإرتباط بي فلن يمر الأمر عبثا"

راحت في طريقها غير مبالية بما قال..مضت أيام لم تذهب فيها للصيدلية..خرج ذاك الكهل المراهق على صديقتها في الصيدلية مرة متصنعا ضياع مبلغ مالي من حصيلة يوم كذا الذي كانت فيه صديقتها (التي يريدها ) موجودة واعتذرت حينما رأته وخرجت مسرعة.. واجهته الفتاة بشدة مدافعة عن صديقتها لعلمها بعفة يدها و ثراء أبيها ، أخبرها أنه سوف يثبت لها.. مر أسبوع .. عادت الفتاة لزيارة صديقتها ظنا منها أن الأمر قد انتهى .. كان هو موجودا..اتفق مع الفتاة التي تعمل عنده أن تذهب لشراء شيء من خارج الصيدلية وتترك صديقتها دون أن تخبرها أنه بالداخل لتتصرف على طبيعتها ليثبت ما زعمه من سرقتها له.. غابت الفتاة فعلا مدة خمس دقائق.. خرج من غرفته الداخلية وجذبها بقوة لمكتبه وراح يعيد تهديداته ويقسم أنها لو لم توافق فسيفعل ويفعل وما إلى ذلك. خشيت على نفسها بشدة ..ليس هناك من يسمعها إن صرخت..نظراته لا تريحها حركاته مريبة كلماته كلها تهديدات ووعيد.. أفلتت يدها منه وهربت مسرعة إلى خارج المكتب وإلى الشارع فورا.. تركت حقيبتها وأغراضها معه وآثرت الفرار ..كان خروجها بشكل يوحي للناظر خوفا وارتباكا يتملكانها..عادت صديقتها في ذلك الحين لتراها وهي تجري مبتعدة عن الصيدلية ..لم تصدق ما ترى..دخلت وإذا به يقول لها"أرأيتي بعيني أمسكتها متلبسة تحاول اختلاس مبلغ من حصيلة اليوم أيضا وعندما أمسكت يدها لم تتردد في أن تلقي بي أرضا وتخرج هاربة حتى وقد تركت حاجياتها هنا..هذه هي صديقتك العفيفة..

راحت تلك الفتاة التي فرت بنفسها هاربة تبحث عن سيارة أجرة تقلها إلى البيت فقد تحطمت أعصابها تماما ..تعجبت برهة وجيزة جدا من سيارة الأجرة التي لم يسألها سائقها عن وجهتها بل وافق على الفور ركبت دون تفكير فلم يعد لديها هدوء يمكنها من تدبر الوضع.. شعرت بعد ركوبها بأمور غريبة..وجهة السائق ليست كما أخبرته. وقف ليركب أحد الشباب معه.. ثم بعد فترة وقف وركبت فتاة أخرى..أخبرها أن الأجرة خمسة جنيهات فقط ليجعلها تأبى البقاء وفعلا نزلت من السيارة..نزلت هي من أجل أن تفسح لتلك الفتاة لترحل عن السيارة..ألقى القدر عينها على رقم السيارة..وحفره في رأسها لا تدري لم لكن هذا ما حدث.. طريق السيارة يبدو جليا الآن..السائق يتجه إلى الصحراوي.. يا ويلتاه هربت من بغل صادفت ثورا..حسبي الله..ارتبكت بطريقة أكثر مما كانت عليه ..حاولت عدم إظهار هذا..جهازها المحمول تركته في حقيبتها في الصيدلية ..ماذا تفعل.. استجمعت شيئا من عقلها تفكر به.. في جيبها محفظتها الشيء الوحيد الذي لا يفارق جيبها..الظلام يعم المكان لن ينتبه السائق لكونها محفظه..أمسكتها ووضعتها على أذنها..راحت تتحدث مع خيالها توهم السائق وذلك الشاب أنها تتحدث مع أحد وتخبره برقم سيارة الأجرة..انتبه السائق لكلامها..أوقف السيارة على الفور.. فتحت الباب وخرجت فورا مع أنها تعلم أنها ربما لا تجد سيارة أخرى تقلها إلى البيت..

تشهدت وحمدت ربها كثيرا على النجاة..من حسن حظها أن حافلة تمتلأ ركابا كثير تمر في نفس الحين استقلتها فورا.. وعادت لبيتها تراجع أحداثها وتعيد النظر في موقف الصيدلية وماذا سيكون من تبعات له؟

(للحكاية بقية...تنويه:هذه مجموعة أفكار تداخلت في عقلي لعدة مواقف منها الحقيقي ومنها ما اختلقته ..ومنها موقف استعرته وعدلت فيه)

18 التعليقات:

بـسـمـــة صـــــلاح يقول...

السلام عليكم
قال تعالى:((وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى))
اعتقد الآية واضحه جدا ومش محتاجه تفسير..
تسلم ايديك على القصة دي منتظرة البقيه
~~~~~~~
دمت بكل ود
تحيــــــــاتي(:

عاشقه الرومانسيه يقول...

..ومنها موقف استعرته وعدلت فيه

انا عارفه الموقف اللى حضرتك عدلت فيه
عموما خيالك خصب ومنتظره الباقى
تحياتى

وردة يقول...

انتي دايما كده بتشوقينا لباقي الحكاية
بس بجد ماشاء الله عندك قدرة هايلة علي ربط الاحداث
بس البنت ديه حظها سئ للغاية
انا في انتظار الباقي
سلام

إيمان يقول...

ما شاء الله سرد جميل لكاتب متميز
فى إنتظار البقيه
انا عارفه الموقف اللى عدلت فيه
بجد تسلم ايدك

احساس طفلة محبة للرومانسية بس واقعية يقول...

حضرتك حكيت الموقف وزى ما اكون
شيفاه بيحصل قدامى بطبيعية وواقعية
بس البنت دى حظها وحش اوى كدا لية
ولا يمكن لانها طيبة ومش بتعرف تتصرف
او لان حظها بيوقعا فى ناس متعرفش ربنا
فى انتظار باقى القصة

تقبل مرورى

Lobna Ahmed Nour يقول...

مشوقة ومنسوجة بعناية
منتظرة التتمة .. خالص التحية

ستيتة يقول...

الموقف بيقول ان هناك كثير من بني البشر لا تستطيع تقدير الأمور وتضحك على نفسها .. هذه الفتاه اقشعر بدنها وأحست بأحاسيس غير مريحة .. الحل زيارة صديقتها في بيتها ومقاطعة موقع هذا الرجل المشبوه المقرف فورا .. لكن هي دي عادات البشر .. يجب ان يذوقوا نار التجربة حتى يلجأوا للزبادي بدل الشوربة

السرد جميل .. ها وبعدين حصل ايه

*البت المشمشية *حلوة بس شقية * يقول...

ايه ياعم الحلاوة دى
طريقتك حلوة اوى فى سرد الفصة
ومستنيا الباقى
عشان عايزة اكمل

fL0weR-giRL يقول...

السلام عليكم

بجد بجد القصه حلوة جدا

تسلم ايدك انت فعلا مبدع ...........

في انتظار البقيه

لك كل الشكر والتقدير ........

^_^

وردشان smilyrose يقول...

كاتلعادة اسلوب رائع

رغم خوفى عليها

نحمد الله انها بخير

وننتظر البقية

دائما لقصصك هدف يصل للقارئ

ودرس يتعلم من خلال الكلمات

وردشان

smilyrose

روح الحب الصادق

فتــافيت (رحاب الخضري) يقول...

جميل جدا.. وتحت امرك يا سيدي فتافيت كلها مش بس التاكسي

بس انت فعلا خيالك خصب وجميل.. ربنا يوفقك

عايزة اقرا الباقي بقى بسرعة

تحياتي وخالص ودي

aidy يقول...

بجد قصة جميلة ومنسوجة كويس جدا

بحييك على خيالك الخصب

ومنتظرين البقية ..

تحياتى ,,

نوري يقول...

حاجه صعبه قوي
ان الواحد ترف عليه المصايب كده واحده ورا التانيه
بس ع فكره بيتهيالي ان ايمانها القوي هو الي نجاها

بس فعلا حلوه حتي لو فيها من خيالك
فهو مش بعيد عن الوواقع

♥..~*شـــوشـــو هـــانــم*~..♥ يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فعلاً زي ماقالت بسمة صلاح

في تعليقها

القصة بجد جميلة وطريقة سردك للحكاية ممتع ومشوق

في انتظار البقية..

تحيتي لك..

صفا سارة يقول...

جميله جدا القصة ومتشوقه جدا انى اقرأ بقيتها
واسفة جدا على التقصير :)

Hanan Said يقول...

كتابتك بجد بتعجبني جدااا
وبتشدني جدااا
وجميل جداا اسلوب سردك
بياخدني لموقع الاحداث ااقب الاحداث من بعيد وبكل اهتمام
في انتظار باقي الاحداث وبكل شغف
تحياتي

Nasimlibya `√ يقول...

ااااااااااااايه ده بجد بجد اعصابي خلاص انهارت


ولسه مكملتهاش !!!!!!!!!!!!!

عني حستنا تكملها لاني انسجمت فيها كثيرااااا


توقع زياراتي الكثيرة ليك مش تزهق مني موافق ؟؟

غير معرف يقول...

بجد انا معجبة جدا بكتاباتك دايما بتشدنى لقراءة موضوعك و خيالك واسع جدا - انا ماكنتش اعرف التعليق ازاى بس كان نفسي اقولك رايي من زمان (طبعا عرفت انا مين )ربنا يوفقك واعترفلك بجد احسن قصص انا باقراها ليك انت بس وبحب اتابع كل قصصك

 
') }else{document.write('') } }