أيام الوحدة..الحلـ1ــقة

انطلق مدفع الإفطار معلنا وقت الإفطار..وارتفع صوت الشيخ نبيل بالأذان..يعم الهدوء طرقات القرية المصرية والناس في المسجد يفطرون سويا على تلك المائدة التي اعتادها..مائدة كبير القرية السيد أبو النور..

وما إن مضت الدقائق وأفطر الناس..اصطفوا في صلاتهم وراء الشيخ يؤدون فرض ربهم.. بعد الصلاة..وكعادتهم في رمضان التفوا حول شيخهم يسمعون منه كلاما في دينهم.. درس قصير لا يطيل فيه الشيخ كي لا يشغل أحدا عن أهل بيته.. ولما انفض عامة الناس..وبقي الشيخ وكبير القرية ومعاونوه..أبلغ السيد أبو النور من معه برغبته في حضورهم دار الضيافة بعد صلاة التراويح..فاليوم جلسة طارئة لكبار القرية.. ثم ودعهم أبو النور وراح عائدا لبيته..

خرج الباقون سوية يتسائلون فيما بينهم عن سر هذه الجلسة..أبو رمزي قاضي القرية و أبو عماد رئيس ديوان كبير القرية..ما الأمر يا أبا عماد..لم يخبرني السيد أبو النور بشيء..لا أعرف والله يا سيدي..حتى أنت لا تعرف.. ربما يكون شيئا قد جد يا رجال وأراد أن يخبرنا به..أترى هذا يا أبا رمزي..طبعا يا أبا يزيد وما يكون غير ذلك.. لننتظر ونرى ما الخبر.. أستودعكم الله وأنتم كذلك إلى بيوتكم ولا تقلقوا..وداعا..

لكن أبا المجد طبيب الوحدة الصحية بالقرية وأحد كبارها..لم يرتح له بال..بل ظل مشغولا بخبر هذه الدعوة..يا ترى ماذا وراء هذه الجلسة..خيرا..كنا مجتمعين منذ يومين..إجتماعنا عادة يكون يوم الخميس من كل أسبوع.. ظل هكذا على حاله بفكره التائه..دخل بيته..وجلس شاردا..يتحول من محطة إذاعية لأخرى.. وغفت عينه دون أن يشعر..لينتبه على صوت الشيخ نبيل يرفع أذان العشاء..

اجتمع الناس في المسجد لأداء الصلاة.. وركعة تلو الأخرى..و هكذا حتى انقضت الصلاة..وحان موعد الجلسة الطارئة..

في وقت وجيز..كان الجميع في دار الضيافة.. سبقهم إليها اليد أبو النور.. جهز الخدم المجلس بالمشروبات والحلويات وبقي كبار القرية وحدهم..

تكلم أبو المجد.. سيدي دعوتنا لجلسة عاجلة..وشغلتنا كثيرا..هل يمكن لنا أن نعرف ما الامر..تبسم أبو النور..أراك على عجلة من أمرك سيد أبو المجد.. لأنني ما زلت أذكر تلك الجلسة الطارئة قبل ثلاثة أشهر عندما أخبرتنا بتغير في مجلس كبار القرية وجعلتني أحد المسؤولين الأساسين وأنت تعلم جيدا مدى رفضي لهذا الأمر..لكني قبلت يومها على مضض لتلك الظروف السيئة التي كنا نعيشها.. ثم سكت.. تكلم عندها القاضي أبو رمزي..سيد أبو المجد .. نريد أن نسمع من كبيرنا.. معذرة للجميع تفضل سيدي.. فبدأ السيد أبو النور حديثه..

الأمر الذي أريد إخباركم به على شقين..أما الأول فهذا ليس لنا فيه طول ولا عمل..فقد نفذ من ديوان الرئاسة..أما الثاني فربما نستطيع فيه شيئا.. -أقلقتنا سيدي أخبرنا ما الأمر- .. لا تتعجل سيد أبوعماد..

الحكاية وما فيها.. أن هذا المطروف جائني اليوم عاجلا.. من ديوان الرئاسة.. وسأقرأ موجزه عليكم.. السيد أبو النور كبير قرية الدراويش تحية طيبة وبعد.. فقد آثرنا أن نبلغكم قبل إعلان الخبر على الناس أنه قد تم اللإتفاق بين ديوان الرئاسة المصرية وديوان دولة سوريا الشقيقة على قبول رغبة الضباط الأحرار الذين أثاروا رغبتهم في الوحدة بين بلادنا وبلادهم ليدخلوا تحت حكمنا .. مما جعل ديوان الرئاسة يصدر قراره بتغييرات وتعديلات في نظم إدارة القرى وكبارها.. وقد رأينا إبقائكم على ما انتم عليه مع قليل من التعديلات..أولها ارتباطكم ومرجعيتكم تكون لمركز المدينة التابعين لها بدلا من كون ذلك مغلق عليكم.. وللقرار بقية..تقبلوا فائق التحية.. الإمضاء..نائب رئيس ديوان رئاسة الجمهورية

وها أنا أعرض الأمر عليكم لنتشاور فيه..فليقل كل منكم ما في خاطره..