الباحثون عن السعادة .. كذابون

سعادة غالية... كذب ورب الكعبة، فلا هي سعادة ولا هي غالية، حين تسرق من عين غيرك فرحتها وتنتشل من قلبه بهجته وأمله، ثم تسدل على كل ذلك رداءك الخبيث بعد أن كان يلفهم ثوب الطهارة والبراءة والحب، ثم لا ترعوي عن غيك... تخرج على الناس بحلتك الجديدة مدع أنك قد عثرت على سبب السعادة الذي حير الناس وأضناهم لترى في عيون الكل حيرة وفضولا يشع منهم رغبة في معرفة سرك الذي توصلت إليه ببراعتك الكذابة، وتروح تصف ما صنعت لهم دواء لنفوسهم المريضة... أقسم لك أنك بكل ما صنعت من طرق رخيصة كذاب منافق لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا.

السعادة لا أراح الله لك قلبا... هي أن تروي حبك بنبضك لا أن تسرق نبضا ليس لك لتسقي به قلبا كذلك ليس لك، هي أن تعرف لصاحبك حقه... أن تفهم معنى المشاعر... ان تراعي حق الله في قلوب البشر، لا أن تدهسها وترسم صورة الملاك البريء.

السعادة لا أب لك... هي ألا تدعي حالا صنعه غيرك لنفسه ليعيش فيه، هي أن تؤمن بصدق أن الدنيا مبنية على مبادئ الحق والعدل والخير والجمال والمساواة... كما تدين تدان، وكما تفعل سيُفعل غدا بك.

فلسفة القلم أحيانا تخون صاحبها فتصور له بشيطان الخيانة أنه الناصر صلاح الدين، وأنه هو من حرر قلبا من جبروت سجان مارد، وأتاح له فرصة جديدة للحياة في براح الأمن والنقاء، لا يدري أن إبليس اللعين يقف على كتفه يتعلم منه ما فعله كيف فعله؟

كيف لمن يسبك الباطل حقا أن يلامس جسده ذلك الهندام الذي يبدو جليا أن غيره قد لبسه واستخدمه فترة ليست بالقصيرة، ترك فيه عرقه وآثر جسده وتقسيمة قوامه؟، كيف لروح أن تسمح لصاحبها أن يصبغها بروح ضاجعت روحا أخرى قبل ذلك؟ يا لها من مأساة... مضاجعة الأرواح أبلغ من تلك التي نعرفها، شرف الروح وطهارة النفس أقدس كثيرا من كيان الجسد، لكنه للأسف لا يعي ذلك الآن... هو في وهم أسماه سعادة، كذب على نفسه واغتصب فرحة غيره بثمن بخس ألبسه رداء يدعي أنه غال نفيس، تنسى النفوس حين تسقط في الظلم والجور أن هناك ربا وضع الدنيا على ميزان العدل الإلهي، تختفي من أمامها النصوص التي حتمت تلك السنة الربانية في الدنيا، "وتلك الأيام نداولها بين الناس" ، "الأيام دول" ، "يوم لك ويوم عليك"، "كما تدين تدان"، كل ذلك لن يدع لمن خانته نفسه فسلب فرحة غيره فرصة واحدة للتمتع بالحياة أبدا.

وتلك التي تبيع حقيقة بزيف تحسب أن الحق ما تعيشه الآن، رغم أن عقدة الذنب التي تخلقها الخيانة لا تترك النفس ولا تكف عن إثارة الألم داخلها، إضافة إلى أن اللواتي يمتلكن ضمائر لن تتمكن إحداهن أبدا من الاستمرار بهذه العقدة، إما أن تعود لصوابها، أو أن تقتل ضميرها لتسيطر على الألم وتبقى على طريقها... و غالبا ما يختار الخائنون الخيار الثاني.

أما عن ذلك الذي شرب المرار وسرقت منه فرحة عمره حدث ولا حرج، ضع نفسك مكانه... حين يستهين خصمك بقوتك يستثير داخلك حرارة الغيظ، فتقسم أن تقصمه نصفين وتفعل... حين يتجاهلك حبيبك من أجل غيرك، تقسم ألا تدعه لأحد إلاك أنت فقط... ما يجعل القيد في يدك هو خوفك الشديد على المساس بأمن حبيبك حتى مع ابتعاده عنك وفاء منك لذلك الاحساس الذي لا يفارق قلبك له... لكن الصبر ذو حدود والألم الموجع يفلق النفس حتى تنتقم لكرامتها.

كل الذين سجل التاريخ عظمتهم لا تغيب عن صفحاتهم حكايات الحب التي انتهت بخيانة، كل المبدعين عرفوا مرار الخداع... لكنهم مع ذلك بقوا مرافقين للصمد والقوة... الجبل لا يهزه ريح حتى لو كانت ريحًا عاتية، راح زمن ثمود وعاد وما عادت الريح تسقط جبلا... الضربة على رأس المسمار تزيده ثباتا... لا كتب الله على أحد خيانة حبيب أو خداع صاحب، ولا سلب من نفس فرحتها بشيء أبدا.

تلك كانت رسالة لكل من تسول له نفسه امتصاص فرح الآخرين والعيش على ألمهم كالبعوض يجد حياته في التطفل على البشر، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.

1 التعليقات:

رحــــيـل يقول...

:((

تدوينة مؤلمة وجامدة جدا
اصعب حاجة الخيانة فعلا اكيد افضل 100 مرة المواجهه و لما حد يحب ينسحب من حياة حد بقدر الامكان يخرج من غير ذكريات سيئة وبأقل الخسائر فى المشاعر

بوست جامد زى عادتك يا ابراهيم

 
') }else{document.write('') } }