ربما صرت الآن أقف ثابتا على أصل المشكلة ، أقل ما فيها اكتشافي لعلتي ، يومان و ينقضي من عمري 22 سنة ، أقول سنة لا عام لأنني ما رأيت فيهن كثير مما تمنيت ، الاعتراض على قضاء الله ليس في قاموس حياتي لكن الاعتراف بعدم تحقق أمنياتي هو أصل أعيشه الآن .. كيف لي أن أفتتح عاما جديدا وقد بدا لي من أمري عجب كثير .. أنا من أكون ؟
بحثت عن ذاتي طويلا .. مذ كان عمري ثمانية عشر سنة أي منذ أربع سنوات كوامل و أنا مستمر في رحلة البحث .. من أنت يا نفس ؟ و ما كانت لتجيبني مرة واحدة إجاية صحيحة .. كأنها هي الأخرى تجهل ذاتي ، إن كانت نفسي تجهلني فكيف أعرفها أنا .. خيوط الحقيقة صارت واضحة جلية تزيد من ألمي كلما تأكدت من صحة إحداها .. أنا لست على يقين أبدا أن كل ما أصنع يسير في خط مستقيم .. ربما يكون عقلي ضئيل الفهم و لما عرفت الدنيا بنيت حياتي على أصول تافهة زهيدة لا تستحق أن يعيش من أجلها بشر .
لا أعرف لم الآن أضحك من صنيعي و أسخر من ذاتي .. أي شيء فعلته كان صوابا حتى النهاية ، هو لو كان صوابا أصلا لما انتهى و لما ندمت يوما على دخولي في معتركه والمضي قدما وبإصرار على إتمامه ، يوم عرفت الحب رأيت في روحي ثقة عالية تجبرني على الانصياع لمشاعري تلك .. كأنما ظننت حينها أن هنالك تكمن ذاتي .. أوهمت نفسي أنه هذا أنا ، كيف لقلبي أن يجري خلف أنثى وهو الذي عاب ذلك كثيرا على أناس كثيرين .. أقنعت عقلي أن الحب سيل جارف لا يمكن أن نوقفه بأي حال وأن الأقدار لما تُساق إلينا لا يمكن أن يدفعها عنا إلا الله ، أما خلاف ذلك فلن يحدث .. وبقيت هائما أعيش بطلا لأكبر كذبة في حياتي حتى الآن .. ثم فجعتني الأقدار .. هذا ليس أنت !!
لدي قناعة مفادها أن الحب ليس وهما إنما هو دستور حياة لأننا به عرفنا الله و به نعيش في الدنيا بين الناس ، لكن تلك التجربة التي كانت ، أقف الآن لأنظرها من بعيد فأراها وكأنما كنت فيها كقطعة الشطرنج في يد لاعب ضعيف التفكير سيء التخطيط يحركها بحماقة فيأكلها له نده الذي يشاركه بهجة اللعب .. لكنه يفكر كيف يسقطه خاسرا ، و لما قدر الله نهاية تلك المهزلة التي سامتني فيها الأيام مرارا وألما و بشاعة في القلق والوجع .. مضيت أبحث عن ذات حقيقية أجد فيها نفسي .. أين أنا و هل ستستمر رحلتي في التيه والضياع .. أسئلة كثيرة بدأت أخطها بـ(فونت) عريض حتى أجد لها جوابا .. لكن .. ماذا بعد ؟
أشد الآلام ضراوة يوم تسقط سقيما تبحث عن ذاتك فلا تجدها .. تسوق لك الأقدار مطيبات و ملطفات ترطب بها نفسك .. تتعلق بها لدرجة كبيرة ، تصر على الارتباط بروح من تلك الأرواح التي تجد أمامك .. تسمعك وتبصر فيك روحا طيبة ، تهيمن عليك فكرة العشق مجددا .. ترحل إلى داخلك لتمتحن علاقتك بها .. أيام تمر عليك لتجد نفسك مغرما بها بكل حواسك .. أيام أخرى تمر لتثبت لك أنها ليست لك ، لماذا وكيف ؟ هو هذا حظك في الدنيا .. مهما لاقتك بالبهجة لابد أن تسحبها منك فورا .. شيء تعودت عليه حتى بات الفرح يفجعني .. أنا بعد كل ما رأيت لا أراني مستحقا للفرح إطلاقا .. حتى أدرك يقينا من أنا وأتوصل إلى فهم جيد لحقيقة روحي فأنا فعلا غير مستحق لأي فرحة .. وجهة نظر شخصية لا علاقة لا أبدا بتسييس القدر ، الأقدار كلها بيد الله لا نفهم ماهيتها إلا حين تمر على غيرنا فنبصرها في الآخرين لا في أنفسنا .
أدرك أن أصل الوجود في الحياة عبادة الله .. لكننا خلقنا أيضا لنعمر الأرض ، ولكي نعمر الأرض لابد أن تعمر نفوسنا بطيب العلاقة بيننا نحن بنو البشر ، هذه مشكلتي .. أين ذلك النصف الذي يكملكِ أيتها النفس التي أشقاها الانتظار .. دوامة طويلة تعيدني لذات السؤال .. أين أنا من هذه الدنيا و من أنا فيها ؟
الصبر لغة ما كنت لأتعلمها لو ما تعرضت لما كان خلال تلك السنوات العجاف ، أكون على درجة عالية من الكذب لو أنني أنكرت الخير على امتداد الفترة الماضية مذ خلقت في الدنيا وحتى اليوم ، لكنني مع كل هذا أتمنى ومن حق كل منا أن يحلم ويتمنى .. حساب القدر ومحاكمة الدنيا ليس ذلك ما أقصده إطلاقا ، الأمر الوحيد الذي يجعلني أًُسَفِهُ مما أقول أحيانا أو يدفعني إلى الاستمرار في الصبر هو أن حياتي مقدرة في علم الله الأزلي فلا حزن ينفع ولا فرح يدوم .
كل الذي قرأتموه في الأعلى نص لا أعرف لم كتبته .. ولا أظنكم خرجتم منه بفائدة .. لكنه شيء من ذلك المتكدس في قلبي .. أهمني بشدة فأخرجته .. لكم مطلق الحرية في الامتناع عن القراءة لي بعد ذلك إن شاركتموني وجهة نظري أو الاستمرار إن كنتم ترون أن ما أكتبه يستحق حتى قراءة العنوان !!